jo24_banner
jo24_banner

من يريد أن يصبح وزيرا اليوم؟

باتر محمد علي وردم
جو 24 :

في يوم صدور هذا المقال ربما تكون تشكيلة حكومة فايز الطراونة الثانية قد ظهرت. لن أستغرب أبدا فيما إذا كانت التشكيلة مقتصرة على وزراء سابقين معظمهم متقاعدين أو وزراء جدد أصحاب طموحات سياسية ولكنني سوف اشعر بالكثير من الدهشة في حال تمكن الرئيس المكلف من جمع قائمة من وزراء جدد أصحاب كفاءة وقدرة عالية على تقديم ما هو جديد. ببساطة لم يعد منصب الوزير في الأردن مغريا للكثيرين ممن حققوا نجاحا في حياتهم المهنية ويحصلون على رواتب جيدة في وظائف متميزة، فلماذا يتركون كل هذا من أجل الدخول في وزارة قد لا تستمر لأكثر من 3 اشهر مليئة بوجع الرأس والإزعاج والضغط اليومي والتعرض المستمر للنقد.

في أيام العز (قبل الربيع العربي) كان الطموحون يتسابقون بشراسة للحصول على منصب وزير يجعل المرء صاحب سلطة لا نهائية في وزارته. بإمكانه منذ اليوم الأول تغيير مكتبه كاملا وإنهاء كل ما قام به الوزير السابق والبدء بتجارب وقرارات جديدة، والاستمتاع بالنفوذ المتمثل في دخول نادي النخبة ومرور الساعات أثناء اليوم في اجتماعات وافتتاح مؤتمرات وغذاء وعشاء والتعرف على أشخاص آخرين من نادي الحظوة. وإذا ما كان الوزير محظوظا في وزارة ذات إنفاق مالي عالي يمكن له تحقيق دخل مضاعف في حال كان “ذكيا” وفي حال تسلم وزارة حساسة يمكن له الاحتفاظ بمعلومات وأرقام ووثائق يتاجر بها بعد خروجه عندما يحمل لقب “مستشار دولي” ويدخل في القطاع الخاص. بإمكانه ايضا أن يستمتع بالرياء المستمر من قبل نسبة كبيرة من الموظفين وكذلك النميمة على الموظفين الآخرين أو على الأمين العام والمسؤولين الكبار وفي حال وجد اعتراضا من موظف ما لا مشكلة في قرار نقله إلى أبعد محافظة عن موقع سكنه فالوزير يملك كل شئ.

الآن تغير الوضع. الإنفاق المالي يتراجع ولا مجال للهدر والموظفون باتوا يتمردون ويعتصمون وينشرون الأخبار السلبية في الصحف والمواقع الإلكترونية والمواطنون يطالبون الوزير بتنفيذ دوره كخادم للشعب Public Servant لا مجرد الاستمتاع بمكتسبات الوظيفة بينما الرأي العام يضع الوزير في موقع المسؤولية في كل قرار يتخذه أو لا يتخذه في وزارته وهو متهم حتى تثبت براءته والتي قد لا تثبت أبدا.

مقتل الكثير من الحكومات السابقة كان في ضعف الوزراء، ومنها الحكومة السابقة. طريقة تحديد الوزراء والتي تعتمد على الجغرافيا والديمغرافيا تضع رئيس الوزراء في ورطة إذ عليه أولا أن يحدد الوزراء في الوزارات الاهم وعادة ما يكونون من الحلقة التي تتمتع بثقة الرئيس (زملاء عمل، أصدقاء، أقرباء) ممن لا يخشى الرئيس منهم. وعليه بعد ذلك أن يعبئ المناصب الشاغرة بوزراء من المناطق الجغرافية التي لم يتم اختيار الوزراء الأهم منها وبالتالي يمكن أن يضطر الرئيس إلى التعامل مع عدة وزراء لا يعرفهم سابقا ولكن يتم اختيارهم بحكم الضرورة السياسية-الاجتماعية.

سوف تكون تجربة فريدة لحكومة تعرف أنها لن تستمر أكثر من أشهر معدودة، ولكنها قد تكون استثنائية في كونها خالية من الطموحات المبالغ بها وقد تركز العمل على محاور أساسية يجب معالجتها بسرعة وتتحرك بالسرعة اللازمة لتكون حكومة قصيرة وناجحة.

لا نزال حتى الآن نملك التفاؤل!

batirw@yahoo.com

(الدستور)

تابعو الأردن 24 على google news