هل ثمة "سيناريو" مفروض على الاردن ؟!
يكثر الكلام هذه الايام عن سيناريو مفروض على الاردن , ويتمثل بإقحامه عسكريا في الازمة السورية .. وذريعة هذا التدخل العسكري المفروض على الاردن هو العمل على إقامة مناطق عازلة داخل الحدود السورية مع الاردن لاستقبال اللاجئين السوريين .. ولوقف تدفقهم نحو الاراضي الاردنية ..وحسب الكلام المتداول فإن هذا التوجه يقتضي توافقا سوريا ـ اردنيا .. وهنا نتساءل : ما الذي يضمن موافقة نظام الاسد المستبد على التوافق مع الاردن لإقامة المناطق العازلة ؟!..ونتساءل: لماذا يقبل الاردن أن يفرض عليه التدخل عسكريا في الازمة السورية بذريعة إقامة المناطق العازلة بالقوة العسكرية من جهة , وللسيطرة على الاسلحة الكيميائية لمنع سيطرة الارهابيين عليها من جهة أخرى ؟.. هذا التوجه الخطير جدا قد نفاه الملك عبدالله الثاني غير مرة مؤكدا أن لا تدخلا عسكريا في الازمة السورية ..
أما إذا كان المقصود بهذا التوجه هو استخدام الاراضي الاردنية لدخول قوات عسكرية أطلسية إلى سوريا ـ أي استباحة الاراضي الاردنية وانتهاك السيادة الاردنية عليها , فإن ذلك لا يعدو كونه مقدمة لإجبار الاردن على التدخل عسكريا في الازمة السورية وعدم الوقوف مكتوف الايدي إزاء حرب تنتقل حرائقها إلى أراضيه ..وإذاكانت حلقات هذا السيناريو المتقدمة تتمثل بتطور الحرب الاهلية في سوريا وتصاعدها لتغدو حربا إقليمية ولربما عالمية كما تروج بعض الصحف الامريكية والغربية , فإن ذلك يعني أن ثمة نوايا لتغيير الخارطة الجغرافية والديمغرافية لدول المنطقة على أساس تحقيق مشروع الشرق الاوسط الجديد الامريكي .. لقد حذرت النخب والحراكات والاحزاب السياسية الاردنية في الموالاة وفي المعارضة من مغبة إقحام الاردن عسكريا في الازمة السورية .. كما حذرت من مغبة استباحة أراضيه من قبل قوات عسكرية أجنبية وكائنة ما تكون للتدخل عسكريا في الازمة السورية..وموقف الاردن المعلن رسميا حتى اليوم هو عدم التدخل في الازمة السورية عسكريا أو حتى سياسيا ..وذلك تجنبا لانتقال حرائق الحرب السورية إلى أراضيه ..
نعرف أن جهات أجنبية وعربية تزود المعارضة المسلحة السورية بالمال والسلاح لتصعيد الحرب الاهلية هناك .. ونعرف أيضا أن هذه الجهات نفسها تمارس ضغوطا كبيرة على الاردن لزجه عسكريا في هذه الحرب ..لذلك يجد الاردن نفسه أمام خيارين اثنين : إما التجاوب والاذعان لهذه الضغوط والتدخل عسكريا في الازمة السورية , وإما النأي عن هذه الحرب المجنونة وعن تداعياتها وانعكاسات تصعيدها .. ونتساءل أيضا : لماذا لا تستقبل دول عربية أخرى تتمتع بإمكانيات كبيرة على مختلف الصعد أعدادا من اللاجئين السوريين وتخفيف هذا العبء الكبير عن الاردن وعن شعبه الذي يعاني كل هذه المعاناة القاسية ؟..
إن الشعب الاردني بجميع فعالياته وحراكاته الشبابية والشعبية الفاعلة لا يقبل بزج بلده في حرب مجنونة تأتي على الاخضر واليابس على أراضيه ولربما على أراضي دول الجوار ..أي في حرب ستكون المنطقة العربية ساحتها ..وتكون الامة العربية الخاسر الأكبر ..
