سقوط الرهان الكردي على الدعم الامريكي في سوريا ..
سلامة العكور
جو 24 :
بعد قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب بسحب القوات والقواعد الامريكية من شمال وشرق سورية ومن قاعدة "التنف" موحيا للقيادة التركية ولأطراف عربية ترعى الارهابيين وتدعمهم استمرار الدور الامريكي في الأزمة السورية من خلالها وبها، دخل الحابل بالنابل في أوساط الأطراف الموجودة هناك ..ووصفت قوات "قسد"وقوات الحماية الكردية القرار بأنه صفعة قوية موجهة لها .. بينما راحت أوساط سياسية وإعلامية إقليمية ودولية تتوقع هجوما عسكريا تركيا ساحقا ماحقا على القوات الكردية التي تسيطر على مساحات واسعة في شمال وشرق سورية ..وكذلك على مدينة منبج وضواحبها ..ما يعني أن القوات التركية قد تدخل منبج بعد أن سيطرت قبل ذلك على "عفرين"..وأصبح أمام الدولة السورية خياران :إما شن هجوم واسع وعاصف لاستعادة المناطق التي تنسحب منها القوات والقواعد الامريكية والمناطق المحتلة من قبل قوات تركية والارهابيين في شمال سورية وفي إدلب ..أو انتظار ما تسفر عنه جهود ومساعي الرئيس الروسي بوتين من خلال تفاهمات مؤتمري أستانة وسوتشي بتمكين الدولة السورية من بسط سيطرتها على كامل الجغرافيا السورية.. ونظرا للثقة السورية بنوايا الرئيس بوتين وبدوره الفاعل الرئيس في الازمة السورية فإنها آثرت الانتظار..
أما الأكراد الذين تلقوا الصفعة الامريكية بغضب وشعور بالمرارة فثمة مؤشرات على أنهم قد اختاروا العودة إلى حضن بلادهم سورية والتفاهم مع قيادتها الشرعية ..مبدين حسن نواياهم بتمكين وحدات من الجيش السوري من دخول منبج وضواحيها ثم السيطرة على سد تشرين الاستراتيجي ..ما أربك خطة الرئيس التركي العسكرية والتي ترمي إلى بسط السيطرة على المناطق الخاضعة لسيطرة قوات "قسد"الكردية ..
وتلوح في الأفق الآن ملامح اتفاق بين الدولة السورية وقيادة "قسد" يؤدي إلى سيطرة الدولة على المناطق الشمالية والشرقية لسورية ويجنبها التعرض لهجوم الجيش التركي ..ذلك لأن الإعلان عن الإنسحاب العسكري الامريكي من سورية قد أنهى رهان "قسد" على الدعم الامريكي لتحقيق هدفها بإقامة كونفدرالية بالمنطقة وأقنعها بالعودة إلى حضن الدولة السورية ..وليس ثمة شك في أن دخول الجيش السوري إلى منبج إنما يدشن مسار العودة لسيطرة الدولة السورية على شمال وشرق البلاد وينهي المشروع الامريكي بتقسيم بعض دول المنطقة ..وينهي محاولة إدخال الجماعات المسلحة الموالية لأنقرة في تركيبة الدولة السورية ..
أما الفصائل الارهابية في إدلب وفي ريف حلب فقد نشبت حروب ضارية فيما بينها وعلى النحو الذي يزعزع أوضاعها ويستنزف قواها وقدراتها القتالية ويبعث اليأس والإحباط في نفوس مقاتليها..أما أطراف المعارضة السورية فقد اضطر بعضها للإعتراف بانتصار سورية المؤزر على الإرهاب وإسقاط مشروع رعاته وداعميه ..والبعض الآخر لا يزال يراوح في مكانه فوق الشجرة تدغدغه أوهامه وأحلامه المريضة ..
على أي حال فكلها أسابيع قليلة وسنشاهد هرولة دول عربية عدة نحو دمشق لإعادة فتح سفاراتها والسعي لإقامة علاقات على كل صعيد مع الدولة السورية ..لا سيما وأن سورية العروبة لا تسكن قيادتها أحقاد أو نزعات للإنتقام ..فسورية ستمارس دورها الفاعل والريادي في جامعة الدول العربية قريبا وقريبا جدا ..
أما الأردن فإنه حري به ومن أجل مصلحته الوطنية والقومية مد الجسور نحو دمشق والسعي الحثيث لإقامة علاقات نوعية متطورة سياسية واقتصادية وأمنية مع الدولة السورية الشقيقة ..
وهكذا فإن الإنسحاب الامريكي العسكري من سورية يصب في صالح جميع دول المنطقة وفي صالح الأمن والإستقرار فيها..