2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الشُسموْ

نائل العدوان
جو 24 : في قريتنا - التي ابتلعتها المدينة مؤخرا - عجوز طاعن في السن يدعى بـ"ابو عقلين"، اعتاد الجلوس بهيبة على ناصية الشارع المحاذي لمنزله، صورته الظاهرة للمارة تنّم للوهلة الاولى عن شيخ جليل ووقور: عباءة مطرزة، لحية بيضاء، عقدة مصطنعة بين العينين، عصا يستند عليها عند الوقوف، نحنحة قبل البدء بالكلام.
كان "أبو عقلين" يفرض احترامه عليك ما دام صامتاً، فان تكلّم ضاعت هيبته بعد ثلاث جمل غير مترابطة، فهو مساند لك في الصباح وعدوك اللدود في المساء، واذا اتفقت معه عند الظهيرة فإن كلمته لا تلبث أن تنتهي صلاحيتها قبل الغروب، وإذا تظلم أحد على مراوغته وعدم حفظه للاتفاق، لجأ "أبو عقلين" إلى أسلوبه الذي اعتاد عليه الجميع :

"انت ما قلتلي متى رح تجيب " الشسمو" ، وأنا أركنت وقتها وحطّيت مصاري بالشسمو، يا عمي روح قبل ما أجيبلك الشسمو...!!

غدت كلمة "شسمو" مفتاحه الذي يخرجه من أعتى المحن ويفك أسره من أصعب الالتزامات، فان اجبته بحجة قوية، تظاهر بعدم القدرة على السمع وان الكهولة قد صمّت اذنيه وسرقت ذاكرته، وان استرسلت معه بطلبك واصررت على المضي بالحديث، لجأ الى نظرية "الشسمو" التي تدخلك بمتاهات لا تعرف لها طريق.

مجلس النواب لا يختلف عن "أبو عقلين" بشيء، فالمجلس مكتمل الصورة: قبة برلمان، كتل، ميكروفونات، شرفات مطلة، خطابات نارية، نزاع على تعديل قوانين فاقدة للشرعية، مهووس شهرة افتعل ضوضاء لتتحرك الكاميرات باتجاهه، مناسف طبخت بلحوم بلدية، كروش مكتنزة، كشرات حقيقية، وأيدي تستند عليها الخدود لسماع خطابات ثقة على آخر مقدرات المواطن .

كلها مؤشرات تدل على وجود برلمان قادر على محاسبة الحكومة والانتصار للشعب الذي ينتظر بفارغ الصبر ان يأتي الفرج ولو على ظهر ناقة، صور جميلة قد تزين حائط منزل أحد النواب ليوهم من حوله بأنه ذو شأن عظيم، لكنها تفقد مصداقيتها عندما يجدّ الجدّ، وتصبح الهموم شخصية ومرهونة بحقيبة وزارية موعودة، اما مسلسل المشاورات النيابية التي لا تنتهي والتهديدات بحجب الثقة عن الحكومة فانها ستنقلب بلحظة التصويت إلى:
ثقة... ونص.

ما يميز "أبو عقلين" عن مجلس النواب انه يجد دائما طريقة ذكية للتنصل من عهوده التي لم يحفظها قط، ويلوذ إلى ادعاء "الطرش" لعدم سماع الرأي الآخر واستخدام " الشسمو" للهروب من الإجابة، واستبعد أن يكون لدى المجلس قدرة على استخدام الطريقة الأولى بتجاهل صوت الشارع ، فهل سيلجأ المجلس إلى مبدأ "الشسمو" لتبرير منح الثقة ؟.

لن استبق الأحداث، وان "شسمو" لناظره قريب!
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير