التحدي الأكبر : الدولة تتشظى جهويا!
باتر محمد علي وردم
جو 24 : منذ سنتين أرهقتنا تفاصيل المسيرات والجدال السياسي المحتدم، وقانون الانتخابات والإصلاح والفساد والحكومات المتعاقبة والانتخابات البلدية والنيابية والأزمة السورية وعجز الموازنة وأسعار المحروقات والكهرباء حتى أصبحنا نلهث وراء التفاصيل اليومية ونسينا أو لم ننتبه إلى أخطر مشكلة اصبحت تنخر بنية الدولة الأردنية وهي التشظى الجهوي/العشائري/المناطقي.
العنف الجامعي هو من مجموعة أعراض بات الأردن يعاني منها ولكن سببها الرئيسي أن المجتمع لم يعد أردنيا، بل اصبح جهويا وعادت ولاءات ما قبل الدولة لتطغى على الولاء الوطني العام. تفسخ الثقة بالحكومات والشعور بالتهميش من قبل الأطراف مقارنة بالمدن، وتراجع التنمية في المحافظات وحتى الحراك السياسي المنقسم إلى المدن والمحافظات أصبحت جميعا عوامل تؤثر بشكل سلبي على منظومة الولاء للدولة. ما ساعد على ذلك ايضا سياسة الأمن الناعم وزيادة الجرأة على التصدي للشرطة والدرك وفي المقابل العنف المبالغ به من قبل القوات الأمنية في فض المسيرات والمظاهرات.
منذ سنتين بدأت الدولة ممثلة بالدرك والشرطة في مواجهة عشائر ومحافظات، ودخلنا في دوامة “العطوات الأمنية” لحل الأزمات الناجمة عن احتكاك الأمن مع المسيرات المحلية والمناطقية. اختلط النشاط السياسي بالنشاط الجرمي غير الشرعي واصبح مطلوبون أمنيون للتنفيذ القضائي يحتمون بعشائرهم لمنع تسليمهم للدولة واصبح رجال الأمن يفكرون ألف مرة قبل استخدام اي نوع من القوة وحتى وفق قواعد الإشتباك مع المطلوبين أمنيا خشية تحول الأمر إلى مواجهات مع العشائر بشكل عام.
الحراك السياسي الذي انتشر في البلاد وبالرغم من أهميته في رفع مستويات التعبير والحريات العامة كان دائما مبنيا على المناطق والمحافظات مما أعطاه هوية “فرعية” وليست وطنية. الحراكات، باستثناء الاخوان المسلمين بقيت ضيقة على مناطق بعينها، وقد يكون من المفارقات أن جماعة الاخوان المسلمين وبالرغم من خطابها التحريضي والمستفز لا زالت حتى الآن هي الحاضنة السياسية الوطنية الوحيدة للمعارضة في سياق الانقسام بناء على الهويات الفرعية. حتى القوائم الانتخابية التي شاركت في الانتخابات النيابية الماضية اعتمدت على العمق العشائري، وكل رؤساء القوائم الذين فازوا بالانتخابات حصلوا على أعلى النسب في محافظاتهم وليس خارجها. وما يزيد الظاهرة تعقيدا أن المرشحين من أصول فلسطينية ايضا حازوا على مقاعدهم النيابية نتيجة “دعم عائلي” من العشائر الفلسطينية الكبرى بينما كان معظم هؤلاء المرشحين في السابق ينجحون باعتبارات سياسية وحزبية.
المشكلة تتعقد في مجلس النواب حيث بدأت الإصطفافات على اسس عشائرية ومناطقية، حتى أن بعض النواب فكروا في تشكيل “كتل” على أسس عشائرية ومناطقية، كما أن الصراعات الاجتماعية-السياسية التي تظهر عادة في تأييد ونقد رئيس الوزراء تكون على اسس عشائرية وجهوية اكثر من كونها سياسية أو برامجية!
من الصعب أن تستمر الدولة في تغاضيها عن ظاهرة تنامي الانتماءات العشائرية وسهولة تجاوز القانون، ولكن في المقابل لا يمكن قبول أي خطاب سياسي إصلاحي أو ناقد للحكومة يعتمد على تقسيمات عشائرية. طالبنا منذ اشهر طويلة بأن تجتمع الحراكات المناطقية ضمن إطار وطني عام حتى يصبح النشاط السياسي والحراك الشعبي ولكن لا يوجد أي توجه لذلك وكل قوم بما لديهم فرحون، والخاسر في النهاية هو الانتماء الوطني. الدستور
العنف الجامعي هو من مجموعة أعراض بات الأردن يعاني منها ولكن سببها الرئيسي أن المجتمع لم يعد أردنيا، بل اصبح جهويا وعادت ولاءات ما قبل الدولة لتطغى على الولاء الوطني العام. تفسخ الثقة بالحكومات والشعور بالتهميش من قبل الأطراف مقارنة بالمدن، وتراجع التنمية في المحافظات وحتى الحراك السياسي المنقسم إلى المدن والمحافظات أصبحت جميعا عوامل تؤثر بشكل سلبي على منظومة الولاء للدولة. ما ساعد على ذلك ايضا سياسة الأمن الناعم وزيادة الجرأة على التصدي للشرطة والدرك وفي المقابل العنف المبالغ به من قبل القوات الأمنية في فض المسيرات والمظاهرات.
منذ سنتين بدأت الدولة ممثلة بالدرك والشرطة في مواجهة عشائر ومحافظات، ودخلنا في دوامة “العطوات الأمنية” لحل الأزمات الناجمة عن احتكاك الأمن مع المسيرات المحلية والمناطقية. اختلط النشاط السياسي بالنشاط الجرمي غير الشرعي واصبح مطلوبون أمنيون للتنفيذ القضائي يحتمون بعشائرهم لمنع تسليمهم للدولة واصبح رجال الأمن يفكرون ألف مرة قبل استخدام اي نوع من القوة وحتى وفق قواعد الإشتباك مع المطلوبين أمنيا خشية تحول الأمر إلى مواجهات مع العشائر بشكل عام.
الحراك السياسي الذي انتشر في البلاد وبالرغم من أهميته في رفع مستويات التعبير والحريات العامة كان دائما مبنيا على المناطق والمحافظات مما أعطاه هوية “فرعية” وليست وطنية. الحراكات، باستثناء الاخوان المسلمين بقيت ضيقة على مناطق بعينها، وقد يكون من المفارقات أن جماعة الاخوان المسلمين وبالرغم من خطابها التحريضي والمستفز لا زالت حتى الآن هي الحاضنة السياسية الوطنية الوحيدة للمعارضة في سياق الانقسام بناء على الهويات الفرعية. حتى القوائم الانتخابية التي شاركت في الانتخابات النيابية الماضية اعتمدت على العمق العشائري، وكل رؤساء القوائم الذين فازوا بالانتخابات حصلوا على أعلى النسب في محافظاتهم وليس خارجها. وما يزيد الظاهرة تعقيدا أن المرشحين من أصول فلسطينية ايضا حازوا على مقاعدهم النيابية نتيجة “دعم عائلي” من العشائر الفلسطينية الكبرى بينما كان معظم هؤلاء المرشحين في السابق ينجحون باعتبارات سياسية وحزبية.
المشكلة تتعقد في مجلس النواب حيث بدأت الإصطفافات على اسس عشائرية ومناطقية، حتى أن بعض النواب فكروا في تشكيل “كتل” على أسس عشائرية ومناطقية، كما أن الصراعات الاجتماعية-السياسية التي تظهر عادة في تأييد ونقد رئيس الوزراء تكون على اسس عشائرية وجهوية اكثر من كونها سياسية أو برامجية!
من الصعب أن تستمر الدولة في تغاضيها عن ظاهرة تنامي الانتماءات العشائرية وسهولة تجاوز القانون، ولكن في المقابل لا يمكن قبول أي خطاب سياسي إصلاحي أو ناقد للحكومة يعتمد على تقسيمات عشائرية. طالبنا منذ اشهر طويلة بأن تجتمع الحراكات المناطقية ضمن إطار وطني عام حتى يصبح النشاط السياسي والحراك الشعبي ولكن لا يوجد أي توجه لذلك وكل قوم بما لديهم فرحون، والخاسر في النهاية هو الانتماء الوطني. الدستور