"صناعة صينية "

كم نحن مزيفون !
أجل ، ونمثّل ايضا، ولا نخشى ذلك ، بل نعيش الحالة لحظة بلحظة..
ها أنا كسرى، وأعبث بأموال ليست لي، وألخبط أدمغة الشعب الهادىء، غير عابىء بما تؤول اليه الأمور، ملك على البؤساء وقليلي المروءة ومن لم يحالفه الحظ، جالب السعد أنا ، لذوي القلوب المطفأة ، انا الحظ ، ذو الأسماء المتعددة فارهبوني.
لست حقيقيا، فأنا ارعن، قاتل، رخيص، فاسد ذو أسبقيات في سجن الجويدة، لم سيخافني الناس ؟، انا لست بكسرى ، انا طاغور..
شاعرٌ، مستند الى جذع شجرة لا تنجب ثمراً ، ناحل العود، متربع كتمثال بوذا، واودّع حمام عمّان بشكل سريّ ليحفظها الله.. وتقتص مني المدينة، وأكون قصة يحكيها الكبار وقت النوم لينام صغارها، وبوصلة يتنسم البحّارة منها عبق البحار.
أنا جانب مفضوح ، لكنني لست بطاغور.
سحقاّ للصور، وللشخوص، وللمدينة الكبيرة، ألا يسعفني احدهم! ، أتيه بينهم كسنديانة باسقة ذات ذكريات مؤلمة، حفرَ العشاق على جذعها قصة حب لم تكتمل، خرافية ، ليس لها نهاية، تزول عند جفاف بئر الماء .
مازلت مزيفاً! ولصاً وقاطع طرق، وطريد.
من أختار ؟
صدّام، أحس بضيق في حنجرتي ، ورمال تجتاح صدري، أهكذا كان يعيش هذا القائد، أيعقل أن تكون أيامه كلها كوابيس يستيقظ منها ليشرب كوب ماء.
فقط كوبا صغيرا من الماء.
ويدٌ تمتد بغلس الليل لتسقيه كطفل، وتهدهد على رأسه لينام، ترى من كانت هذه اليد، ولم لم نعرفها الى الان ؟
تاريخ مزيف أيضاً!
ترى ماذا تقول له اليد : "نام، نام يا حمام ، وأذبحلك طير الحمام "، هه ، هو الحمام اذاً، وماذا ستكذب عليه: نام ، "فهو مجرد حلم وأنت ما زلت بطلاً وان هوى نجمك فسيذكرك الناس ويحلموا بك".
وينام الطفل ، وأنا لا أنام .
ولا يذكره الناس ، وتتحول ذاكرتهم الى فوانيس مطفأة.
وما زلنا مزيفون، أجل، أنا، وأنت، ونحن، لا ينقصنا شيء، فهاتين يداي، ولي عقل وقلب وبصر، وظلٌ حقيقي وخفة دم.
"وازيدك من الشعر بيتاً" ..
فانا متزوج ولديّ ولدٌ مثقف وبنت رضيع، وعاملة أندونيسية، وبيت مُسطحه مائتي متر مربع، وبركة سباحة وسيارة دفع رباعي.
لكنني لست بحقيقي، فمعجونتي صناعة عادية.. مؤقتة ، لا تدوم .
هل اقول الحقيقية :
صناعتي صينية.