2024-04-24 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

إلى متى بؤس الإعلام الرسمي؟

باتر محمد علي وردم
جو 24 : ربما لا تكون قضية تطوير الإعلام الرسمي على أجندة الحكومة الجديدة المشغولة بتسريع الإصلاح السياسي من خلال وزراء يتميزون بمستوى عال من الديناميكية السياسية والاقتصادية والإدارية(!) ولكن ظواهر متكررة حول التراجع الهائل في أداء الإعلام الرسمي تشير الى أننا أصبحنا الآن بحاجة ماسة إلى تحقيق تلك المعجزة التي لم يجرؤ عليها أحد في السنوات الماضية والمتمثلة في تحرير الإعلام الرسمي من سطوة الخوف.

على مكاتب جميع المسؤولين السياسيين والإعلاميين رزنامة تشير إلى أننا في الشهر الخامس من العام 2012 حيث تغيرت الدنيا كثيرا سواء على صعيد السياسة الداخلية التي أصبحت أكثر انفتاحا أو على صعيد الإعلام الذي تطورت أدواته وسرعته بحيث لم يعد إعلامنا الرسمي قادرا أبدا على مجاراته. في السنوات الماضية كنا نحس بألم وغضب من نوعية أداء الإعلام الرسمي ومحاولته لتبرير بعض السياسات أو الترويج لأخرى غير منطقية او التغطية على معلومات صحيحة، ولكن مع تكاثر وسائل الإعلام الأخرى أصبح الرأي العام الأردني غير معني أصلا بمتابعة الإعلام الرسمي وباتت السخرية هي رد الفعل الأول تجاه مضمون الإعلام الرسمي في الأردن.

في يوم استقالة رئيس الحكومة السابقة عون الخصاونة مر الإعلام الرسمي بواحدة من تلك الحالات التي لا تسر عدوا ولا صديقا. خبر الاستقالة الذي نشرته صحيفة القدس العربي على موقعها على الإنترنت انتشر فورا في المواقع الإلكترونية والفيسبوك وتبادل الصحافيون والمواطنون الآراء والمعلومات خلال دقائق، وبعد حوالي نصف ساعة كان قد حدث شبه إجماع على دقة المعلومة. في ذلك الوقت كان وزراء يقومون بالتصريح لوسائل إعلام رسمية ومستقلة حول نفي الاستقالة، بينما كان التلفزيون الأردني يبث مسلسلا كرتونيا وتحته شريط الأخبار الذي يتضمن خبر “نفي مكتب رئيس الوزراء خبر الاستقالة”.

بعد ساعتين تقريبا من هذه الدوامة من انعدام القيادة والاستقلالية في الإعلام الرسمي جاء خبر قبول جلالة الملك لاستقالة الخصاونة، ولكن الضرر كان قد حدث في الإعلام الرسمي وبات واضحا مرة أخرى أنه من الصعب جدا أن يشعر الرأي العام بثقة نحو الإعلام الرسمي بعد حلقة جديدة من سلسلة طويلة من سوء الأداء.

لنكن واضحين في القول بأننا لا نشكك في كفاءة العاملين في الإعلام الرسمي حيث إن هذه الكفاءات تتألق وتبدع في وسائل إعلام أخرى عندما تتاح لهم الفرصة للعمل بحرية، ولكن المشكلة لدينا هي مشكلة قيادات وسياق سياسي وأمني يمنع الحد الادنى من حرية التعبير. نحن لا نطالب بأن يصبح التلفزيون الأردني مثل قناة الجزيرة أو العربية في الموارد والكفاءة والحرية، ولكن على الأقل نتمنى احترام الحد الأدنى من ذكاء الناس. لم يعد المواطن الأردني كما كان في الثمانينات والتسعينات وما قبلها معتمدا على مصدر واحد للأخبار وهو يتناول العشاء أمام نشرة أخبار الثامنة مساء، بل أصبحت وسائل الإعلام متاحة من الهاتف الخلوي وجهاز الحاسوب والقنوات الفضائية المختلفة ولا يمكن لتلفزيون أو إذاعة رسمية الآن السيطرة على تدفق تلك الأخبار السريعة أو تقديم بديل عنها بدون بناء ثقة ومصداقية مع الرأي العام.

جميل أن نتحدث عن الاستراتيجيات الإعلامية ولكن هنالك ما هو أهم من كل ذلك: الحقيقة في المكان والزمان المناسبين حتى يشعر المواطن الأردني من جديد بالثقة تجاه وسائل الإعلام الرسمية وإلا أصبح كل ما تقدمه إضاعة وقت ومال ليس إلا.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news