أمتنا بأسرها بانتظار الرد السوري الموجع
لم يفاجأ مراقب واحد في المنطقة أو في العالم كله بالعدوان الغاشم الغادر على سوريا الشقيقة.. فسوريا منشغلة بإدارة أزمتها الأمنية والسياسية مع أشكال المعارضة المسلحة..بدءا بمليشيا الاخوان المسلمين وأنصارهم المتطلعين إلى سدة الحكم..مرورا بجبهة النصرة القاعدة، والسلفيين والتكفيريين، مرورا بالمرتزقة من العرب والاجانب المجندين في خدمة اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية ليس لإسقاط نظام بشارالاسد الديكتاتوري المستبد.. ولإقامة نظام ديمقراطي بديل، بل لتدمير سوريا الدولة بجيشها واقتصادها وبناها التحتية وبوحدة شعبها وترابها الوطني.. هذه الاعتداءات الاسرائيلية التي جاءت بتنسيق وضوء أخضر من واشنطن وحلفائها الاطلسيين، ومع حلفائها وعملائها في المنطقة قد جاءت في الوقت الذي يحتدم فيه القتال الضاري بين جيش النظام وميليشيا المعارضة المسلحة ولم تظهر بعد مؤشرات وإرهاصات لحل سياسي سلمي للأزمة..
صحيح أن هناك توافقا روسيا أميركيا جديدا لإحياء اتفاق جنيف للحل السياسي.. ولكن أطراف المعارضة السورية لها أكثر من رأي وأكثر من موقف..
1. اسرائيل منذ بداية الازمة السورية وهي تتربص الفرص وتنتظر أن يصاب الجيش السوري بالوهن والضعف حتى تنقض عليه وتدمره ولتفرض شروطها على الحكومة الجديدة في سوريا متهالكة..فإسرائيل لا تنشد طبعا تحقيق الديمقراطية وإطلاق الحريات العامة في سورياكما تروج صحافتها ووسائل اعلامها..ولا تنشد تحقيق الاصلاح الشامل في سوريا باعتبارها مبررات ومسوغات الاطراف العربية الرسمية والدول الغربية والاطلسية.. بل إن كل ما تصبو إليه وعملت وتعمل وستعمل من أجله هو تدمير سوريا دولة وجيشا وصمودا وقدرات مهما كانت طبيعة الحكم فيها.. لكن كيف تبرردول « الاعتدال الاذعان « العربية صمتها الذي يشي بتأييدها لهذه الاعتداءات الاسرائيلية التي سقط فيها مواطنون مدنيون وأطفال وشيوخ وحرائر وجنود وليس كبار رجالات الحكم السوري.. وهل مبادئ الجامعة العربية قد تغيرت لتصبح اليوم في خدمة أعداء الأمة العربية والدوران في فلكهم ؟!..نحن لسنا مع نظام الحكم المستبد في سوريا..ولسنا مع لجوئه للحل العسكري في مواجهة مطالب المعارضة الوطنية السلمية.. ولكننا في الوقت نفسه لسنا مع ترك سوريا لوحدها في مواجهة العدوان الاسرائيلي الاميركي الاطلسي المحتمل..فأي عدوان من هذا القبيل هو عدوان على الامة العربية بأسرها.. نحن نعرف أن اسرائيل تجهد لتجفيف وتدمير مصادر أسلحة وصواريخ حزب الله وحركة حماس والجهاد الاسلامي في سوريا..فاسرائيل لا تزال تعاني من تداعيات هزيمتها النكراء في العام 2006م على أيدي مقاتلي حزب الله.. ولا تزال تجتر بألم وندم ذكرى فشل حربها الفاشية على القطاع غزة في العام 2008م.. وإذا كانت سياسة النظام السوري حتى اليوم تقوم على تأجيل اطلاق الحريات العامة والتحول الديمقراطي والاصلاح الشامل في البلاد بحجة الاستعداد لمواجهة اسرائيل ولتحرير الجولان، فإن هكذا سياسة لم تعد تنطلي على المواطنين السوريين..وقد تأخر الوقت وتغولت اسرائيل وتتأهب اليوم لتدمير سوريا عن بكرة أبيها.. والرد على الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة ولو أدى ذلك إلى حرب شاملة هو أفضل مليون مرة وأكثر شرعية من الحرب الاهلية الحالية في سوريا.. ومن يدري فقد تتوقف الحرب الاهلية عندما تندلع الحرب مع اسرائيل..وستتمخض حتما عن اصطفاف دول ومنظمات واحزاب وميليشيات واقليمية في خندقين متقابلين ينهيان حالة القطب الواحد في العالم..ولن يكون ذلك في صالح اسرائيل ومستقبلها في المنطقة أبدا..
الراي