حبة قمح
نائل العدوان
جو 24 : كان المطر شحيحا ذلك العام ، فقر وجوع عمّ البلاد ، وانذار بسنين عجاف قادمة ..
يقول " شيحان " ثم يبلع ريقه، و يبتسم لريح الجنوب ، منكساً عينيه ثم يتابع :
"ونحصد القمح ، ثم نجمعه بيادر هزيلة متلاصقة ، نذرّي السنابل فتنجب حبوباً،،،
انا ، أبي ، وأمي وأخوتي ، كلنا نعرف ان حبة القمح تعني الكثير، فنلتقطها بعناية ونودعها عن أعين الطامعين، لا نترك حبة هائمة ، ولا يصيبنا كلل او يداهمنا ملل، الا اذا انتهينا من جمعها في "شوال" كبير .
تعلو ضحكة " شيحان " فجأة ، ولا أفهم بماذا يفكر، ثم يتمتم بكلمات حب عن الوطن، عن عمان وحسبان والمفرق والكرك ويجّره حنين لتراب مادبا ورائحة الخزامى بجلعاد والسلط، ثم يتجهم عند الحديث عن الفاسدين ، ويتهمهم بسرقة مقدرات البلد وبيع محصوله ، يذكر بحديثه ايضا ابيه و يده القابضة على المنجل وقت الحصاد :
بنى النمل قريته بجانب البيدر، اسراب تنغل من باطن الارض ، تصطف بطوابير منظمة نحو الحبوب المتناثرة حول الاكوام ، تلتقط كل نملة حبة قمح واحدة ، ثم تقفل عائدة نحو بيتها.
حبة ، حبة ، كانت تمضي الى سبيلها وانا انظر اليها بحنق شديد ، فأبي حريص على جمع الحبوب كلها ، لكنه يغض البصر عن سرقات النمل المتكررة، وانبهه لذلك :
"النمل يسرق غلتنا يا أبي ، انظر ، لقد ضاع الموسم بين افواه النمل المدلّل .
ويؤشر " شيحان " الى نملة ، تحمل حبة قمح وتخفّ الخطى هاربة. ويضحك الأب ناهراً:
دعها ، فما للنمل هو للنمل، فلا خوف منها ورزقها حبة واحدة، هو ما تطيق حمله.
لكن "شيحان" لا يقتنع، ويزيد حنقه مع كل حبة مستلبة.
كنا نتقي ان ندوس أي نملة بخطواتنا ، فنقفز عنها وتتعثر أرجلنا ببعضها البعض، حتى منعنا ابي من دخول الحقل واهملنا الحصاد.
توسعت قرية النمل بعدها وامتد نفوذها لاكياس القمح ، ثم داهمت الشعير، وغطت اسرابها المحصول بأكمله ، كنا ننظر بعيني أبي لانقاذ المحصول، فيكرر علينا جملته المشهورة .
يتأفف عندها " شيحان " ، ويزفر بفم يؤطره اللعاب:
هه، جئنا صباحا لحمل الحبوب للطحن، متفائلين، تملؤنا نشوة غامرة برغيف خبز، لكن قلوبنا ارتعشت عندما رأينا البيادر منشولة والاكياس فارغة...
واسراب النمل لا تحمل حبات وحيدة، انما تعض بأسنانها على سنابل قمح بأكملها .
يقول " شيحان " ثم يبلع ريقه، و يبتسم لريح الجنوب ، منكساً عينيه ثم يتابع :
"ونحصد القمح ، ثم نجمعه بيادر هزيلة متلاصقة ، نذرّي السنابل فتنجب حبوباً،،،
انا ، أبي ، وأمي وأخوتي ، كلنا نعرف ان حبة القمح تعني الكثير، فنلتقطها بعناية ونودعها عن أعين الطامعين، لا نترك حبة هائمة ، ولا يصيبنا كلل او يداهمنا ملل، الا اذا انتهينا من جمعها في "شوال" كبير .
تعلو ضحكة " شيحان " فجأة ، ولا أفهم بماذا يفكر، ثم يتمتم بكلمات حب عن الوطن، عن عمان وحسبان والمفرق والكرك ويجّره حنين لتراب مادبا ورائحة الخزامى بجلعاد والسلط، ثم يتجهم عند الحديث عن الفاسدين ، ويتهمهم بسرقة مقدرات البلد وبيع محصوله ، يذكر بحديثه ايضا ابيه و يده القابضة على المنجل وقت الحصاد :
بنى النمل قريته بجانب البيدر، اسراب تنغل من باطن الارض ، تصطف بطوابير منظمة نحو الحبوب المتناثرة حول الاكوام ، تلتقط كل نملة حبة قمح واحدة ، ثم تقفل عائدة نحو بيتها.
حبة ، حبة ، كانت تمضي الى سبيلها وانا انظر اليها بحنق شديد ، فأبي حريص على جمع الحبوب كلها ، لكنه يغض البصر عن سرقات النمل المتكررة، وانبهه لذلك :
"النمل يسرق غلتنا يا أبي ، انظر ، لقد ضاع الموسم بين افواه النمل المدلّل .
ويؤشر " شيحان " الى نملة ، تحمل حبة قمح وتخفّ الخطى هاربة. ويضحك الأب ناهراً:
دعها ، فما للنمل هو للنمل، فلا خوف منها ورزقها حبة واحدة، هو ما تطيق حمله.
لكن "شيحان" لا يقتنع، ويزيد حنقه مع كل حبة مستلبة.
كنا نتقي ان ندوس أي نملة بخطواتنا ، فنقفز عنها وتتعثر أرجلنا ببعضها البعض، حتى منعنا ابي من دخول الحقل واهملنا الحصاد.
توسعت قرية النمل بعدها وامتد نفوذها لاكياس القمح ، ثم داهمت الشعير، وغطت اسرابها المحصول بأكمله ، كنا ننظر بعيني أبي لانقاذ المحصول، فيكرر علينا جملته المشهورة .
يتأفف عندها " شيحان " ، ويزفر بفم يؤطره اللعاب:
هه، جئنا صباحا لحمل الحبوب للطحن، متفائلين، تملؤنا نشوة غامرة برغيف خبز، لكن قلوبنا ارتعشت عندما رأينا البيادر منشولة والاكياس فارغة...
واسراب النمل لا تحمل حبات وحيدة، انما تعض بأسنانها على سنابل قمح بأكملها .