من أين لك هذا؟
يساورني شك تجاه بعض أبناء القرية وتحديداً "خلف الحارس" و"متعب التمرجي" و"مهاوش السايق" ، شكٌ حقيقي عن مصادر أموالهم وتحوّلهم لأثرياء بين ليلة وضحاها.
فجميعهم بلا استثناء انقلبت موازين "الطفر" لديهم وأصبحوا ميسوري الحال، بدون قروض بنكية أو ديون متراكمة لمختار القرية وسماسرتها، كيف حصل هذا ؟ ولماذا شذّ هؤلاء عن قاعدة العوز التي تشهدها قريتنا ؟ فالأصل هو انتظار الراتب بلهفة، وصرفه كاملاّ قبل منتصف الشهر، بين فاتورة عالقة وجرة غاز فارغة و كمبيالة مستحقه أو "نقوط" في عرس أو طهور، لتشهد القرية بعد هذا التاريخ نشاطاً غير مسبوق ولتكثر الزيارات والمجاملات وأباريق الشاي وقت الغروب بغية الاستدانة من هذا، وتبويس لحية ذاك من أجل حفنة دنانير.
"خلف" الذي عمل طوال حياته كحارس في شركة خاصة، والذي كان يشكو دائماً من بؤس العيش تم طرده من الشركة التي يعمل بها بعد حادثة سرقة لرواتب الموظفين وسجنه لمدة شهرين على ذمة التحقيق، ليخرج بعدها بريئاً، وكان ما كان وحزن أهل القرية في البداية على قلة حظ "خلف"، لكنه ما لبث أن ظهر بحلّة جديدة و بشكل يدعو للريبة، وبدل أن يكون حارس الشركة اصبح مالكها.
والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة: هل سرق خلف الشركة؟
وتأتي الاجابة : حاشا لله، هي مجرد اشاعة.
أما "متعب"، فقد عمل ممرضا في أحد المستشفيات، حتى أدين الرجل بتجارة الاعضاء البشرية وبالتعاون مع احد الأطباء المعروفين، ولكن التهمة لم تثبت عليه لعدم وجود الأدلة الكافية.
هل تاجر متعب بأي أعضاء بشرية ؟
ويجيبك الكثيرون : من المستبعد ذلك، الزلمة نظيف، هي مجرد إشاعة .
لكن حالة "مهاوش" هي الأغرب، فبحكم عمله كسائق "تريلا"، كان يسافر كثيراً، وينقل بضائع من الشرق الى الغرب، وبرغم بؤس هذا الرجل الذي لا يخفى على أحد وسنوات المحل التي مرت بحياته، الا ان حالته تبدلت واشترى أسطولا كاملا من الشاحنات بعد شكوك عديدة بتهريبه المخدرات والأسلحة.
فهل هرّب "مهاوش" أي حشيش أو أسلحة ؟
"شو حشيش ما حشيش"، كلها إشاعات مغرضة .
اذاً هي مجرد اشاعات بدون اثبات او قيود جنائية، أو حتى مساءلة ولو تحت بند:
من أين لك هذا ؟...
وقد تمضي يومك بالكامل وانت تسأل ذات السؤال.
وتجيبك جملة مشتركة ووحيدة منقوشة فوق الحجر الرئيسي لبوابة المنزل تقول:
"هذا من فضل ربي"
naeladwan@gmail.com
