أطراف الحرب السورية في الامتحان
لأن الحرب الاهلية المجنونة في سوريا الشقيقة حرب بالوكالة وفجرتها قوى خارجية وهي من صنع دول وجهات من خارج منطقتنا ومن داخلها، فإن وقفها قد احتاج إلى تدخل الذين يستطيعون إطفاء حرائقها.. وليس ثمة شك في أن النظام السوري والمعارضة السورية سيضطران إلى وقف شلال الدم الذي استنزف الشعب السوري والكثير من امكاناته وقدراته.
وذلك من خلال التوجه الى مائدة الحوار وتحت اشراف الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية.. ونأمل في ان ترعوي الاطراف المتصارعة وتستجيب الى نداءات العقل والحكمة والمنطق والوجدان الوطني وتوقف هذه الحرب الملعونة قبل الاجهاز على تدمير سوريا وابادة الملايين من أبناء شعبها.. فهذه الحرب لن تثمر ديمقراطية وحريات عامة وعدالة ومساواة.. فحرائقها لا تبقي زرعا ولا ضرعا على الارض..
ومن حسن طالع سوريا وشعبها أن توافقا جديا قد تحقق بين واشنطن وموسكو لوقف هذه الحرب بعد أن ايقنت ادارة الرئيس اوباما ان النظام السوري اذا سقط فسيقع تحت سيطرة المنظمات الارهابية..لقد توافقت موسكو مع واشنطن على اقامة الحوار بين حكومة دمشق واطراف المعارضة المسلحة وغير المسلحة..
ال «سي ان ان « قالت ان وزير الخارجية الامريكي جو كيري قد التقى يوم الاربعاء الماضي نظيره الروسي سيرغي لافروف في السويد واتفقا على الشروع في تطبيق اعلان جنيف من خلال اشراك اطراف الصراع في الحوار..
وزير الخارجية الروسي لافروف قال ان على جميع المشاركين في المؤتمر دعم المبادرة الروسية الامريكية لتطبيق اعلان جنيف مشددا على ضرورة دعم المعارضة والنظام السوري لمساعي وجهود موسكو وواشنطن من اجل عقد المؤتمر.. ومؤكدا ضرورة توسيع قاعدة المشاركين في المؤتمر لتشمل الدول المجاورة لسوريا واللاعبين الاساسيين في المنطقة.. بطبيعة الحال ان الدول والجهات التي تزود المعارضة المسلحة بالمال والسلاح تستطيع ممارسة الضغوط عليها لكي تشترك في الحوار.. وان الدول المؤيدة لنظام دمشق تستطيع لعب دور ضاغط لجهة اشتراكه في الحوار.. فالحوارهو الحل المناسب لحقن المزيد من دماء السوريين واطفالهم وشيوخهم..ولوقف المزيد من استنزاف اقتصادها الوطني وتدمير مؤسساتها ومرافقها الحيوية..
لقد سقط اكثر من 80 الف قتيل من ابناء سوريا ومنهم مفكرون واكاديميون وفلاسفة واصحاب كفاءات ومواهب في مختلف المجالات..وسقط جنود وضباط وقادة ومواطنون ابرياء..اما ظاهرة نزوح العائلات داخل سوريا والى خارجها فبالملايين.. باختصار شديد ان الشعب السوري الشقيق يعاني من ويلات وكوارث هذه الحرب المجنونة التي يطغى فيها الحقد الاسود والكراهية والممارسات الوحشية وغير الانسانية..بل وغير الاخلاقية.. وهي في المحصلة لاغالب فيها..فالجميع مغلوبون وخاسرون.. وقد ثبت عمليا وبالملموس ان هدف هذه الحرب لم يكن اسقاط نظام بشار الاسد الديكتاتوري وغير التعددي والذي لا يعتزم تحقيق الاصلاح الشامل ومكافحة الفساد والمجيء بنظام بديل يكون ديمقراطيا تعدديا ويحقق الاصلاح والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة.. بل كان الهدف تدمير سوريا على ايدي منظمات ارهابية وتكفيرية وقوى وجماعات طامعة في الوصول بالقوة الى سدة الحكم..ولها اجندة خارجية ومجندة في خدمة اعداء سوريا واعداء الامة..على اي حال فالفرصة متاحة حاليا لانتقال السلطة سلميا ومن خلال الحوار ثم صناديق الاقتراع..فالاطراف الحريصة على حقن الدماء والحفاظ على وحدة الشعب السوري ووحدة ترابه الوطني ينبغي ان يشارك في الحوار وصولا الى التوافق المقبول.. فجميع الاطراف حاليا في الامتحان.
الراي