jo24_banner
jo24_banner

مع «أصدقاء» مثلهم، لا يحتاج الإسلام إلى أعداء!

باتر محمد علي وردم
جو 24 : المعتوهان اللذان قطعا رأس جندي بريطاني سابق بالسيف في لندن في وضح النهار ثم تباهيا أمام الكاميرات إدعاء بأن هذا لخدمة الإسلام والدفاع عنه، لم يقتلا فقط شخصا لا توجد عليه اية تهمة مثبتة وبطريقة وحشية بل هددا حياة ومصالح كافة المسلمين في بريطانيا وأوروبا، وقاما بتشويه لصورة الإسلام في العالم تعجز عنه أية «مؤامرة إسرائيلية غربية» حقيقية أو مزعومة!!

يعيش المسلمون في بريطانيا بطريقة أفضل من اية دولة عربية أو مسلمة ، فهم يتمتعون بكافة حقوق العيش في دولة علمانية لا تفرق بين الناس حسب الأديان. ليس هذا فقط، بل أن داعية للتطرف والقتل والإرهاب مثل ابو قتادة يحصل على حوالي مليون جنيه إسترليني من دافعي الضرائب البريطانيين خلال سنتين لتغطية نفقات محامين يدافعون عنه حتى لا يتم تسليمه للأردن خوفا على مشاعره المرهفة من «التعذيب والضرر الجسدي»!

بالطبع لا يستطيع اي داعية مسلم أي يبرر جريمة المعتوه البريطاني ولكن معظم الدعاة وبكل أسف سوف يترددون في الإعلان الواضح عن رفض هذا السلوك والتصرف، وسوف يمارسون نوعا من الصمت المريب الذي يساهم ايضا في تشويه صورة الإسلام. ليس المطلوب من الدعاة الدفاع عن الإسلام ضد «أعدائه من الغرب وإسرائيل» فقط ولكن الدفاع عنه ضد الأعداء الأشد هولا وهم المجانين والمجرمين الذين يرتكبون أعمالا شنيعة بحق الأبرياء بإسم الإسلام.

لو اجتمع أكبر أعداء الإسلام في العالم في غرفة واحدة لتنظيم وتنفيذ مؤامرة ضد سمعة الإسلام فلن يتمكنوا من تحقيق ما فعله متطرفون مثل عصابة القاعدة في جرائمها المستمرة في عواصم العالم المختلفة أو أفراد مثل مجرمي لندن الذين تحركوا بطريقة فردية على ما يبدو.

من الواضح أنه من الصعب توقف مثل هذه الجرائم الفردية والمنظمة لأن الدوافع موجودة في استمرار تعرض المسلمين في العالم لأوجه عديدة من التنكيل، وكذلك لوجود مرضى نفسيين ومتعصبين يستخدمون حجة الدفاع عن الإسلام لتبرير سلوكياتهم الشاذة في العنف وقتل الابرياء، ولكن ما هو مطلوب من العالم العربي والإسلامي عدم الصمت أو التردد في استنكار هذه الجرائم والتأكيد على رفضها وليس إيجاد المبررات لها. هذه مسألة اخلاقية تقع في صلب القناعات الدينية وليست موقفا مثاليا أو خاضعا لتوازن المصالح.

نعم هنالك في العالم معايير مزدوجة في التعامل مع ضحايا العنف من المسلمين وغير المسلمين بحيث يتم دائما التركيز على قيمة حياة الضحايا الذين يقعون نتيجة أعمال متطرفة يقوم بها مسلمون، ولكن ما يجب أن نعترف به أننا في العالم العربي والإسلامي نستخدم نفس هذه المعايير المزدوجة في تقدير قيمة الحياة والبشر. فالقليل جدا من العرب والمسلمين اهتموا بمعاناة وقيمة الضحايا الذين سقطوا في تفجير برج التجارة والطائرات المدنية المخطوفة، وهم كلهم اشخاص أبرياء ومنهم الكثير من المسلمين. ولم يهتم المسلمون كثيرا بضحايا تفجيرات بالي في إندونيسيا أو نيروبي أو مدريد أو لندن بل أن الكثير اعتبر هذه العمليات الإرهابية جهادا في سبيل الله بغض النظر عن ايقاع العمليات لقتلى أبرياء لا علاقة لهم بالصراع العربي الإسرائيلي والسياسات الأميركية في المنطقة.

المعايير المزدوجة موجودة في كل حياتنا، وأسوأ شئ أنها تظهر لدى تقدير قيمة حياة الناس، ونقوم بتصنيف الضحايا حسب رؤيتنا لأفكارهم وجنسياتهم وهوية المتسبب بالقتل، فنحن نبكي ضحايانا بشدة ولكننا نصمت عند ارتكاب بعض العرب والمسلمين لاعتداءات على أبرياء من جنسيات أخرى. قيمة الحياة البشرية البريئة يجب أن تكون قيمة واحدة، وهكذا علمنا الإسلام وكل الأخلاقيات لتي نعرفها، ويجب أن نكون في منتهى الأمانة وحضور الضمير في الدفاع عن كل ضحية ورفض كل معتد على الأبرياء حتى لو كان منا، لأن هذا المعتدي يقوم بتشويه الإسلام أكبر من اية مؤامرة عالمية!
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news