هذيان بالعبرية
لم تفاجئنا الصحيفة العنصرية « يديعوت أحرونوت «وهي تقول في عددها الصادر يوم الخميس الماضي «أن عودة السيطرة الاردنية على الضفة الغربية هي أفضل حل يبعث على الاستقرار « وتعني استقرار اسرائيل « ولا يوجد حل غيره !.. معتبرة أحبولة المفاوضات لإقامة دولتين أو دولة ثنائية القومية لا تقدم الحل المقبول.. ومؤكدة أن الاردن كدولة عربية قادرة على ضمان الحكم المدني في الضفة الغربية.. وان الأغلبية الساحقة من سكان الاردن فلسطينيون.. ومؤكدة أن اسرائيل بهذا الحل ستحظى بالاستقرار والامان.. مشيرة إلى أن هذا التصور شائع جدا في أوساط الاسرائيليين..ولا سيما في أوساط الاحزاب اليمينية المتطرفة كحزبي الليكود واسرائيل بيتنا مثلا..وزاعمة أن ثمة أصواتا في الاردن تتعاطى بإيجابية مع هذا الحل ؟!..وهذا هو الهذيان بعينه.. نعم إنه الهذيان.. وتشير اوساط صحفية اسرائيلية إلى أن الادارة الامريكية الحالية في صورة هذا الحل المقترح اسرائيليا..وذلك ان وزير الخارجية الامريكي جون كيري قد اطلع على هذا المقترح ولم يعلق إيجابا او سلبا عليه.. لكنه لم يشدد على ضرورة استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي..
لا شك في أن اسرائيل تراهن على الدور الامريكي لإقناع الجانب الفلسطيني أولا والجانب الاردني ثانيا بالحل المقبول اسرائيليا والذي يضمن لإسرائيل بقاء مستوطناتها في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية.. هذه المستوطنات التي غدت تحول دون التواصل بين اطراف أي دولة فلسطينية محتملة.. وهذا الحل الاسرائيلي الذي يقحم الاردن ليكون حبل النجاة للمشروع الاسرائيلي التوسعي مطروح اليوم أمام الادارة الامريكية لتقول كلمتها فيه.. ولا نخال الادارة الامريكية مهما بذلت من جهود مضنية بقادرة على إجبار الشعبين الاردني والفلسطيني للقبول بهذا الحل الشائه.. فالاردن لا يرى حلا إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة على أرض الـ«1967م».. مؤكدا على حق العودة للاجئين الفلسطينيين وتعويضهم.. والموقف الفلسطيني متطابق تماما مع الموقف الاردني.. اللهم باستثناء مسألة خلافية تضمنتها مبادرة السلام العربية مؤخرا، وهي القبول بتبادل اراضي مع اسرائيل..
لقد كان على اسرائيل أن تدرك أن أحلامها واطماعها في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية لن تتحقق تحت كل الظروف ومهما حاولت تخيل الحلول والسيناريوهات التي تنتقص من الحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية والاستعانة بالدور الامريكي لفرضها على الشعبين الاردني والفلسطيني..
وإذا كانت الظروف ومعطيات الواقع الراهن بالمنطقة وعلى الساحة الدولية تمنح اسرائيل بعض الفرص لاختلاق الحلول العرجاء مرة والكسيحة مرة اخرى لحل الصراع مع الشعب الفلسطيني مراهنة على الدور الامريكي لفرضها على الامة العربية، فإن الظروف سرعان ما تتغير وتتبدل وعلى النحو الذي يجعل اسرائيل دولة محاصرة ومطوقة من البر والبحر والجو.. ويجعلها عاجزة عن مواجهة المشروع العربي النهضوي الذي يلوح الآن في أفق المنطقة..وعندئذ ستكون مضطرة للإنكفاء على نفسها والتخلي عن أحلامها المريضة وعن أطماعها العنصرية البغيضة
(الراي)








