أردوغان يسقط المشهد المصري على بلاده ..
سلامة العكور
فاستمرار التظاهرات الشعبية والشبابية في متنزه «جيزي « في ميدان تقسيم في اسطنبول وتصاعدها واتساع دائرتها يوما بعد آخر بل والمواجهات المحتدمة بينها وبين الشرطة التركية أثارت مخاوف أردوغان ..نعم أثارت مخاوفه من احتمالات تدخل الجيش التركي والقيام بانقلاب عسكري يطيح بنظام حكم حزبه .. لاسيما وان الجيش التركي معتاد على القيام بانقلابات عسكرية منذ الاطاحة بحكومة عدنان مندريس في الخمسينيات من القرن الماضي ..وكان الجيش التركي يهدد حكم حزب اردوغان غول في بداية عهده لولا اجتثاث أبرز قادته مبكرا .. ان اردوغان يخشى اسقاط وانعكاس المشهد المصري بأحداثه المروعة على الوضع التركي ..
وهنا نقول ان على اردوغان ان يدرك ان ديمقراطية صناديق الاقتراع وحدها لا تحمي نظام الحكم من غضبات الشعوب وهباتها .. ولا تحول دون الانقلابات العسكرية .. فالشعوب وحسب معطيات واقعها وظروفها تتطلع اول ما تتطلع إلى العيش الكريم في مناخ الحرية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ..وتتطلع الى المشاركة في صنع القرارات ..واعتبارها صاحبة السلطات .. فإذا احتكر حزب السلطات ومرافق الدولة ومؤسساتها واحتكر الحقيقة ولم يسمح بتداول السلطة وبالتعددية السياسية والاجتماعية وبمشاركة الاخرين في الحكم ,فانه لن ينجح في كسب رضا الناس وتاييدهم .. ان عليه اشراك الاخرين في مناصب ووظائف الدولة المختلفة استنادا الى الكفاءات وحقوق المواطنة .. اما اللجوء الى العنف وقمع الحريات وتكميم الأفواه فلن يضمن لأي حزب احتكار الحكم ..
صحيح ان حزب العدالة والتنمية التركي بزعامة اردوغان وعبدالله غول قد حقق نجاحات كبيرة على صعيد الاقتصاد بصورة خاصة .. حيث أنقذ الاقتصاد الوطني والليرة التركية من الانهيار .. بل وحقق انتعاشا وازدهارا اقتصاديا واجتماعيا ملحوظا .. ولكنه سعى لاحتكار السلطات ولاحتكار مرافق الدولة ومؤسساتها ..ممااضعف شعبيته ودفع الى تأليب الاحزاب ضد حكومته ..وحتى تفاهماته مع حزب العمال الكردستاني المعارض تداعت او تكاد ..اما سياسته الخارجية وبخاصة علاقات حكومته مع الدول العربية ومع الاتحاد الاوروبي فقد تزعزعت الى حد كبير .. وذلك لانه أيد استخدام القوة العسكرية والتدخل العسكري الاجنبي في الازمة السورية ..باختصار لقد سقط أحد اهم اركان محور الاسلام السياسي في مصر ..واصبح من حق اردوغان واقطاب حزبه ان يضعوا ايديهم على قلوبهم .. فالمنطقة حبلى بالاحداث العاصفة وبالمفاجآت .. وتركيا ليست بمنأى عن كل ذلك ..
(الراي)