jo24_banner
jo24_banner

خمسة عشر كتابا صنعت شخصيتي!

باتر محمد علي وردم
جو 24 : ربما يكون الجيل الذي عاش مرحلة المراهقة في الثمانينات والشباب في التسعينات هو آخر الأجيال التي امتهنت القراءة كفعل تثقيفي جاد في العالم، مقارنة بالأجيال التي أصبحت معرفة «الفاست فود» الناتجة عن الإنترنت والهاتف النقال والفضائيات تحدد مواقفها وأفكارها. ربما يكون الجيل الحالي محظوظا في المقدار الكبير من المعرفة المتاحة لمن هو مهتم، ولكن جيلنا كان على الأقل قادرا على الإمساك بكتاب وقراءته بمتعة ودقة وصبر والاستفادة مما هو متاح فيه. في ذاكرتي حوالي 15 كتابا يمكن القول بأنها ساهمت في صناعة شخصيتي وربما من المفيد ذكرها.
أهم كتاب قرأته وأثر في مستقبلي هو في سبيل موسوعة علمية للدكتور أحمد زكي حيث قرأت هذا الكتاب عندما كان عمري 12 سنة وهو مجلد يضم مقالات أول رئيس تحرير لمجلة العربي الكويتية وهو رائد الكتابة العلمية في العالم العربي. اسلوب الكاتب بديع لأنه يجمع ما بين المعلومة العلمية والبلاغة الأدبية اللغوية وأعتقد بأن هذا الكتاب دونا عن كل المناهج المدرسية والكتب التي قرأتها جعلني أحب العلوم وأعمل على الدراسة الأكاديمية في العلوم ولا أزال حتى الآن أستمتع بالكتابة العلمية. الكتاب الثاني من حيث الأهمية هو قصة الفلسفة لول ديورانت. هذا الكتاب هو أمتع ما قرأت في شرح أهم أعمال وكتابات الفلاسفة الكبار في التاريخ وقد قرأته عندما كان عمري 14 سنة ثم قرأت الكتاب مرة كل سنتين ودائما أجد ما هو جديد.
في موضوع الثقافة والتاريخ الإسلامي لم اقرأ افضل من كتاب النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية وهو جهد موسوعي للباحث اللبناني الكبير الراحل حسين مروة الذي يمثل أول وأهم محاولة لاعادة قراءة الفلسفة العربية الاسلامية بالتركيز على البعد الفلسفي. كتاب يجعلك تحترم الثقافة العربية والاسلامية بمكوناتها العقلانية عندما تقرأ عن ابداعات أكبر الفلاسفة المسلمين وهم يناقشون بحرية هائلة لا يوجد مثيل لها الآن أهم القضايا الفلسفية في تاريخ الثقافة الاسلامية. هذا الكتاب منحني معرفة وراحة كبيرة عوضت الشعور بالاغتراب والتوتر الذي اصابني عند قراءة «معالم في الطريق لسيد قطب» و «جاهلية القرن العشرين لمحمد قطب» وهما كتابان يجعلان القارئ يشعر بعداء مع العالم الخارجي والمجتمع، ولكنهما أفاداني في رفض كل ما يحتويانه من أفكار.
في تاريخ الأديان المقارن لا مثيل لكتاب مغامرة العقل الأولى للباحث السوري فراس السواح وهذا الكتاب يمثل رحلة مذهلة في محاولات الانسان الأولى للاجابة عن كبريات الأسئلة المحيطة بوجوده. في الأدب لم أكن مغرما بأنواع الثقافة التقليدية ولكن أعجبني جدا كتاب «في صالون العقاد كانت لنا ايام» للكاتب المصري أنيس منصور وكذلك رائعته في أدب الرحلات «حول العالم في 200 يوم».
في مجال تخصصي الأكاديمي ساعدني كثيرا كتاب «الأرض في الميزان» الذي ألفه نائب الرئيس الأميركي السابق آل جور في تحديد خياراتي للتخصص في علم البيئة. في النظرية السياسية كان الكتاب الأفضل هو الدولة والدين لبرهان غليون وهذا الكتاب ساهم في حصولي على أهم الاجابات حول الدولة المدنية وعلاقتها بالدين والذي أقنعني بأن الخيار الأفضل هو الدولة المدنية التي تحقق المساواة وقد عزز هذا التوجه بشكل كبير قراءة كتاب «الإسلام السياسي» للمستشار محمد سعيد العشماوي.
على الصعيد الأردني لا يمكن تجاوز كتاب تاريخ الأردن في القرن العشرين لسليمان الموسى والذي بذل جهدا هائلا في حياته لتوثيق تاريخ هذا البلد. قرأته عندما كان عمري 15 عاما وتعرفت خلاله على أهم اللحظات والملامح في تاريخ الأردن وعدت اليه كمرجع في كل سنوات عملي الاعلامي والبحثي. كتاب «مهنتي كملك» والذي كتبه المرحوم الملك الحسين بن طلال منذ عدة عقود كان مرجعا رائعا في فهم تفكير الملك وقراراته. في نفس السياق أيضا يأتي كتاب «الديمقراطية هي الحل» للاستاذ حسني عايش والذي أظهر لي أن الخيار الديمقراطي المدني هو الأنسب للدولة الأردنية.
أخيرا فإن أكثر كتبي اهتراء من كثرة الاستعمال هو «النفس.. انفعالاتها وأمراضها وعلاجها للدكتور علي كمال. منذ قراءة هذا الكتاب بقي علم النفس من المواضيع المحببة لدي وفي فترة ما من حياتي كنت أريد التخصص في علم النفس البيولوجي ولكنني رأيت أن هذا التخصص في بلد مثل الأردن لن يحقق لي مهنة مستقرة ولكن الاستمتاع بقراءة علم النفس لا يزال مستمرا حتى الآن.
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news