jo24_banner
jo24_banner

أجندة خارجية تنادي بإقصاء " الإخوان"

سلامة العكور
جو 24 :

صحيح أن لأحداث مصر الشقيقة وللتطورات العاصفة فيها انعكاسات وتداعيات على الوضع العام في المنطقة سواء لجهة التفاؤل أو التشاؤم أو لجهة التقدم أو التراجع .. فثوابت التاريخ القديم والجديد تؤكد أنه إذا نهضت مصر نهضت الأمة العربية , وإذا انتكست مصر انتكست الامة العربية .. ويكفي هنا أن نشير إلى تصدي المصريين ببسالة فائقة لغزو جيوش المغول الجبارة للمنطقة ودحرها فلولا لا تلوي على شيئ .. وعندما أخرجت مصر من دائرة الصراع العربي ـالاسرائيلي بعدما لوى السادات اتجاهها نحو الولايات المتحدة الامريكية ووقع باسمها اتفاقات كامب ديفيد المشؤومة , أصيب الوضع العربي بالوهن والتردي والانهيار.. 

وتراجعت القضية الفلسطينية التي كانت القضية المركزية مثلا إلى آخر سلم أولويات العرب .. مما شجع اسرائيل على تنفيذ برامجها الاستيطانية التوسعية على حساب الاراضي الفلسطينية .. وانتهاج سياسة العدوان والعربدة والتهديد والوعيد ضد الشعب الفلسطيني والامة العربية .. وعندما انطلقت ثورة الملايين الشعبية والشبابية في 25 يناير ضد نظام الطاغية محمد حسني مبارك ونجحت في إسقاطه شعرت الشعوب العربية بنفحة من الانتعاش .. لا سيما وقد قرعت أبواب اقطارها رياح الربيع العربي ..وراحت تتطلع إلى التغيير والاصلاح وتحقيق تطلعاتها وأمانيها المشروعة في الديمقراطية والحرية والتنمية والتقدم والازدهار.. لكن جماعة الاخوان المسلمين التي طالما تطلعت إلى الوصول إلى سدة الحكم اختطفت الثورة وراحت تنفذ برامجها الحزبية باعتبارها التنظيم الذي لا تنافسه تنظيمات أو أحزاب او قوى شعبية او شبابية منظمة أخرى..أو قيادات مستقلة مؤهلة للحكم ..مما شجع الرئيس مرسي على ممارسة سياسة إقصائية حتى ضد القوى الحية التي فجرت الثورة والعمل على احتكار السلطات الأربع وإدارات مرافق الدولة ومؤسساتها لحساب جماعته .. ما أثار استياء بل وسخط ملايين المصريين من جميع الطبقات والشرائح الاجتماعية والاحزاب والفعاليات المختلفة التي أسهمت إلى حد كبير في تفجير الثورة ..فجهدت لاستعادة ثورتها المخطوفة بتعاون ودعم من الجيش وقيادته الوطنية ..فلم يكن منطقيا او معقولا ان يحكم حزب واحد او جماعة واحدة أكثر من 80 مليون مصري ..قد يقال ان امريكا يحكمها حزب واحد .. وكذلك بريطانيا وفرنسا وغيرهما .. هذا صحيح ولكن لتلك الدول دساتير متقدمة تنص على التعددية الحزبية والسياسية والاجتماعية وعلى تداول السلطة .. وليس التمسك عقائديا ودوغمائيا بخيار وحيد هو خيار الجماعة " الاسلام هو الحل "..

اللافت عندنا في الاردن ان جماعة الاخوان المسلمين قد تأثروا إلى حد كبير بأحداث مصر .. وبخاصة بعزل الرئيس محمد مرسي ..فاعتبروا ذلك انقلابا عسكريا على الشرعية ..وهو عمليا كذلك .. ولكن مقتضيات المصالح العليا للدولة والامن والاستقرار وأولا وقبل كل شيئ إرادة الشعب المصري بملايينه الساخطة على ممارسات الرئيس مرسي وجماعته قد أرادت ذلك ..

على أي حال إن ما يجري في مصر الشقيقة هو بالدرجة الاولى شأن الشعب المصري ..فهو صاحب الحق في اختيار قيادته ونوعية نظام حكمه ..ونتمنى ان لا ينعكس ما يجري في مصر ضد الاخوان المسلمين على الوضع في الاردن .. فجماعة الاخوان المسلمين وحزبهم جزء مهم من مكونات مجتمعنا .. ولهم الحق في خوض غمار السياسة وكل انواع الفعاليات التي يجيزها الدستور ..ولا يجوز بأي حال مجرد التفكير في إقصائهم .. فهم أبنا ؤنا واخوتنا وهم مؤهلون موضوعيا لتعزيز وحدتنا الوطنية وتمتين تماسك جبهتنا الداخلية .. أما الأصوات التي تنادي باقصائهم وبإلغاء تنظيمهم فهي أصوات نشاز وتنعق من خارج حركة المجتمع وأجندتها مشبوهة ..وكونهم في المعارضة لا ينفي عنهم هويتهم الوطنية .. فلهم نشاطهم المعارض وفقا لرؤاهم وكما يجتهدون ..وتاريخهم يشهد بأنهم ليسوا مع العنف او مع التشجيع على ممارسته ..

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير