jo24_banner
jo24_banner

مونسانتو في الأردن!

باتر محمد علي وردم
جو 24 : تعتبر شركة مونسانتو العالمية المختصة في إنتاج البذور المعدلة وراثيا وبعض المنتجات الزراعية هي الشركة الأكثر إثارة للجدل في العالم والأكثر تعرضا لهجوم المجتمعات والدول المختلفة. في الخامس والعشرين من ايار الماضي اندلعت تظاهرات ضد مونسانتو في حوالي 50 دولة في العالم بشكل متزامن ومنها بعض الدول في المنطقة مثل مصر وتركيا. وكان السبب المباشر لانطلاق هذه الاحتجاجات والتي بدأت فى الولايات المتحدة الأميركية هو نجاح “مونسانتو” مؤخرا بتمرير ما يسمى بـ”قانون حماية مونسانتو” الذي يمنحها حصانة قانونية، إذ أصبح من الصعب مقاضاتها حتى لو ثبت أن منتجاتها تسبب أضرارا صحية وبيئية.
تأسست مونسانتو منذ 112 سنة وتحولت من عدة أنماط إنتاج حتى استقرت أخيرا على واحد من أهم الأسواق العالمية وهي البذور المعدلة وراثيا. وفقا لوزارة الزراعة الأميركية، كان نحو 90% من إنتاج الولايات المتحدة عام 2011 من محاصيل الصويا والذرة والكانولا من حبوب معدلة وراثيا، تنتج مونسانتو معظمه، وتحقق الشركة من هذه المنتجات أرباحا كبيرة. تطرح الشركة نفسها ومنتجاتها كوسيلة لمقاومة الجوع في العالم عن طريق إنتاج حبوب وبذور قابلة لمقاومة الجفاف والأمراض النباتية التي تدمر المحاصيل والبذور الطبيعية وبالتالي يساهم ذلك في تحسين الأمن الغذائي. الواقع مختلف تماما لأن احتكار الشركة إضافة إلى بضع شركات أخرى لهذا السوق يعني تدمير سبل معيشة المزارعين الصغار في العالم النامي وتقوية الزراعة المكثفة المعتمدة على هذه البذور والتي تعيش لسنة واحدة فقط بحيث أن اي مزارع لا يستطيع تخزين البذور لأكثر من سنة فهي تدمر نفسها ذاتيا بفضل أحد “الجينات الانتحارية” ويصبح مطلوبا من المزارع أن يشتري البذور من جديد في السنة التالية.
بالإضافة إلى قضية الاحتكار الخطيرة جدا على مستقبل الزراعة والأمن الاجتماعي للمزارعين فإن المنتجات المعدلة وراثيا قد تؤدي إلى العديد من الآثار البيئية والصحية الضارة وخاصة على مستوى التركيب الوراثي والحساسيات المختلفة للمنتجات الغذائية كما تشير بعض الدراسات الأولية غير الموثقة بعد إلى أن الأغذية المعدلة وراثيا يمكن أن تكون من بين أسباب الإصابة بالسرطان. مع أن الإثباتات العلمية لهذه التأثيرات لا زالت غير مؤكدة فإن الدول الأوروبية والغربية وأيضا في آسيا اختارت أن تمنح حق المعرفة للمستهلكين عن طريق إجبار الشركات المنتجة لها بأن تضع ملصق على المنتج يصير بأنه معدل وراثيا وبالتالي يصبح الخيار للمستهلك ولا يتم التلاعب بحقه في المعرفة.
وجدت مونسانتو السوق الأوروبية صعبة المنال نتيجة وعي المستهلكين وصرامة التشريعات وهي الآن تحاول توسعة عملها ليضم الشرق الأوسط حيث أنشأت مكتبا إقليميا في عمان ومزرعة تجريبية واحدة على الأقل في طريق المطار. لا أحد يعرف ماذا تفعل مونسانتو في الأردن ونوعية الأبحاث والتجارب التي تقوم بها وفيما إذا كانت تطرح منتجات في السوق المحلي. في الأردن لا تزال التشريعات التي تنظم التعامل بالمنتجات المعدلة وراثيا قيد التطوير وسيتم الانتهاء من مسودة مشروع لتنظيم هذه الشؤون يتضمن الطلب الواضح بوضع ملصقات على المنتجات كما في أوروبا. حاليا يوجد مختبر واحد في الجمعية العلمية الملكية مؤهل لكشف المواد المعدلة وراثيا وهنالك خطط لإنشاء مختبرات جديدة في بعض الجامعات.
من حق المواطن العربي ومن حق المؤسسات المختلفة المعنية بالزراعة والتنمية والصحة والبيئة أن تعرف بالضبط ما الذي تقوم به شركة مونسانتو في الأردن. أتمنى أن يستفز هذا المقال إدارة الشركة للرد لتوضيح طبيعة عملها وإذا لم يتم ذلك سيكون من الضروري استمرار الضغط والمحاولات الإعلامية وغيرها لتقديم الحقيقة للمواطنين حتى يصبح الخط الفاصل بين الحقيقة والإشاعة واضحا لمصلحة الجميع.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news