jo24_banner
jo24_banner

أوهام وحقائق حول الخيارات العسكرية تجاه سوريا

باتر محمد علي وردم
جو 24 :

مع اقتراب الموعد المتوقع للتحرك العسكري الغربي تجاه النظام السوري تنتشر في وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية آلاف التحليلات والخيارات بعضها معتمد على معلومات عسكرية ولوجستية منطقية ودقيقة ولكن معظمها يغرق في الخيال والتضليل. 
مستوى الاستعداد العسكري الغربي لا يوحي ابدا بوجود نية لعملية غزو أو تدخل عسكري على الأرض من خلال جيوش تجتاح الحدود. نموذج العراق موجود أمام الجميع لتعلم الدرس المطلوب والإدارة الأميركية لن تخاطر بجندي واحد ولا حتى دولار واحد من أجل حماية المواطنين السوريين من بطش نظامهم حيث لا مصالح سياسية ونفطية مباشرة. هذا يعني بالضرورة استحالة القيام بعمليات عسكرية من الحدود الأردنية خاصة أنه لا يوجد في الأردن أكثر من الف جندي أميركي مختصين بالتجهيزات اللوجستية وليس المهارات والموارد القتالية. الجبهة الأردنية مع سوريا في أوقات التدخل العسكري ستركز على احتمال قيام النظام السوري باتخاذ قرارات يائسة في توجيه ضربات انتقامية لجميع الجيران أو على احتمال استخدام اسلحة كيماوية قرب الحدود. سيناريو التدخل الأميركي-الأردني هو وهم لا يجب أن يصدقه شخص منطقي.
السيناريو الثاني هو قصف جوي يمهد لتحرك من قبل المعارضة السورية تجاه معاقل النظام وهذا شبيه بما حدث في ليبيا ولكن الكلفة أكبر هنا لأن قدرة الجيش السوري على الإضرار بحلفاء الولايات المتحدة أكبر من قدرة النظام الليبي السابق، وكذلك لان تشكيلات المعارضة على الأرض متفرقة وضعيفة ويوجد صراع فيما بينها وخاصة بين الجيش الحر والقاعدة التي يحتمل أن تكون المستفيد الأكبر من اية مساحات يتم تفريغها من قبل الجيش النظامي نتيجة ضربات جوية مؤثرة ولهذا من المستبعد اللجوء إلى سيناريو القصف بالطائرات.
يبقى سيناريو القصف من بعيد بصواريخ سكود من بوارج وغواصات أميركية في البحر المتوسط تجاه أهداف عسكرية وأمنية حساسة بهدف إضعاف بنية النظام السوري القتالية واللوجستية وإجباره على الخضوع للتفاوض مع قوى سياسية معارضة تملك تنسيقا مع المجتمع الدولي مما أيضا يقلل من فرص القاعدة وجماعات التكفير الجهادي على استغلال الظروف الجديدة لمصلحتهم. خيار الضربات المباشرة الشبيه بما حدث في كوسوفو وصربيا يعطي الولايات المتحدة والغرب صورة بأنها دافعت عن “الشعب السوري” وأوقفت بطش النظام مؤقتا وسمحت لنشوء عملية سياسية قد ينتج عنها حل مناسب للجميع.
ماذا سيستفيد الشعب السوري الخاضع لبطش النظام وتطرف بعض فئات الثوار من كل هذه المحاولات العسكرية؟ في كل الحالات ستزيد التدخلات الخارجية من وحشية النظام والمزيد من المعاناة للشعب السوري إلا إذا تمكن العمل العسكري المحدود من إسقاط النظام ولكن هذا يتطلب أيضا بديلا يسد الفراغ بسرعة ويحقق الأمن والاستقرار في سوريا وهذا صعب في وجود فوضى السلاح ومستويات الحقد المتزايدة. سوف نسمع في الأيام القادمة الكثير من الصخب والعويل السياسي المؤيد والمعارض للنظام السوري ولكن الواقع قد يتمثل في مزيد من المعاناة لمن يدفع الثمن فعلا وهو الشعب السوري.

(الدستور)

تابعو الأردن 24 على google news