لماذا الانتخابات النيابية؟

حسب جدول أعمال “مسيرة الإصلاح” في الأردن فإن نهاية هذا العام ستشهد انتخابات نيابية جديدة، حيث يتم رفع سقف التوقعات بشكل كبير حول هذه الانتخابات وأنها ستشكل علامة فارقة في الانتقال من نمط سياسي تقليدي إلى آخر حديث يتوافق تماما مع تطلعات الإصلاح وتعزيز المشاركة الشعبية. بناء على ذلك سيتم مناقشة قانون الانتخاب الحالي والذي أعدت مسودته الحكومة السابقة، وستكون كافة الأنظار متجهة لمجلس النواب لمعرفة الطريقة التي سيتم فيها مناقشة القانون ونوعية النظام الانتخابي الذي سيتم إقراره. إن تحديد نوعية النظام الانتخابي ترتبط بشكل مباشر بتحديد الهدف من الانتخابات النيابية نفسها.

هنالك هدفان محتملان للانتخابات النيابية. الأول هو التسلية والترفيه وإضاعة الوقت وتحريك عجلة الاقتصاد الأردني من خلال الحملات الانتخابية بما يترافق معها من دفع أموال ورواتب وعمولات ونشاطات اجتماعية وطعام ويافطات وغير ذلك من الخدمات التي تنتشر أثناء الحملات الانتخابية. وفي هذا السياق يمكن بالطبع إنتاج قانون انتخابي من اي نوع فلا يوجد بعد ولا هدف سياسي مرتبط به، ويمكن العودة إلى قانون الصوت الواحد الذي يساهم في جعل مستوى التسلية أعلى من خلال الصراعات العشائرية وظهور مرشحين في غاية الطرافة يعتمدون فقط على المال والقاعدة الانتخابية ويمكن أن تستمر التسلية والترفيه في القبة خلال السنوات الأربع القادمة.

أما إذا كان هدف الانتخابات النيابية هو التقدم بمسار الإصلاح السياسي نحو الوصول إلى برلمان يحظى بالمصداقية وقادر على تشكيل حكومة برلمانية من كتلة الأغلبية أو ائتلاف بين عدة لوائح انتخابية فلا يمكن في هذه الحالة الحديث عن قانون الصوت الواحد أو الصوتين ويجب أن يتم إقرار قانون انتخاب يسمح بنسبة لا تقل عن 35% من القوائم السياسية المفتوحة والتي يمكن أن يضاف إليها نواب جدد تحت القبة لتشكيل كتلة الأغلبية التي تشكل الحكومة. ما نسمعه حاليا من تصريحات وتلميحات من الحكومة حول إمكانية العودة للصوت الواحد وما يطالب به النواب حفاظا على مصالحهم أمر خطير جدا إذ يعكس عدم فهم لما حدث في الأردن في السنة ونصف الماضية. لا يمكن العودة إلى الوراء الآن وسيكون من الخطيئة التفكير بأن الرأي العام الأردني سيقبل العودة إلى صيغة النظام الواحد. في حال كان الهدف المعلن هو نفس الهدف الحقيقي في تشكيل حكومات برلمانية فهذا يتطلب قانون انتخابات يسمح بالتحالفات السياسية وذلك يعني القطيعة التامة مع الصوت الواحد.

ولهذا نسأل بكل جدية: ما هو الهدف من الانتخابات النيابية القادمة؟
(الدستور)
batirw@yahoo.com