jo24_banner
jo24_banner

المعلومات في الأردن: ادفع بالتي هي أحسن!

باتر محمد علي وردم
جو 24 :

بالرغم من أننا نعيش ظاهريا في مرحلة متطورة جدا من تكنولوجيا المعلومات واقتصاد المعرفة ونشأة وتطور كافة أنواع الاتصال الاجتماعي فإن عملية الحصول على المعلومات والبيانات والأرقام في الأردن، وخاصة بالنسبة للباحثين والمختصين الفنيين وطلبة الجامعات أمرا في غاية الصعوبة لسبب لا يتعلق بنوعية التكنولوجيا بل بطريقة التفكير التي لا زالت تعيش في زمن التكتم على المعلومات.
صحيح أن المعرفة رأسمال، ولكن ليس إلى الدرجة المحبطة التي نراها في الأردن. في المؤسسات والجامعات العالمية، أصبحت المواقع الإلكترونية منابر وقواعد بيانات هائلة سهلة التصفح ويمكن لأي كان الوصول إليها. برامج الاتاحة المفتوحة Open Access جعلت ملايين الوثائق والدراسات والأوراق العلمية والبيانات موجودة لخدمة كل الباحثين والمهتمين. الاقتصاد العالمي أصبح معتمداً على المعرفة، التي بدورها باتت حقاً مشروعاً من حقوق الشعوب وليست منحة من مالكي المعلومات لمستخدميها.
في الأردن، يتم إنشاء قواعد البيانات داخل الوزارات والمؤسسات العامة والجامعات، ولكنها تخدم فقط عدداً محدداً من الناس. يمكن أن تجد في وزارة واحدة خمس قواعد بيانات في خمس مديريات لا يستطيع موظف في أي منها الدخول إلى قاعدة بيانات المديرية الثانية، ناهيك عن طلبة الجامعات والباحثين الذين يطلب منهم دفع مبالغ باهظة لا يملكون شيئاً منها. يمكن أن يدخل إلى هذه القواعد فقط المستشارون الأجانب المحظوظون الذين يعملون مع مؤسسات مانحة ويقومون بتجهيز “مقترح مشروع” للتمويل الدولي، حيث يتم تقديم جميع أشكال الرعاية والعناية والدلال لهم. وبعد الانتهاء من تحضير مقترح المشروع يمكن للمستشار الأجنبي أن يتاجر بهذه البيانات لسنوات طويلة!.
حتى بين المؤسسات الحكومية نفسها يجب الدفع الكثير من المؤسسات التي تقوم بإنتاج المعلومات ضمن اسس عملها واسباب وجودها لا تقدمها إلا مقابل مبالغ مالية، ولا يمكن لوزارة أو مؤسسة عامة أن تحصل عليها إلا بعد سلسلة من الخطابات الرسمية والمفاوضات ودفع الأموال، خاصة إذا كانت من جهات مانحة. أفضل مصادر الحصول على المعلومات حول الأردن اصبحت المؤسسات الدولية ومراكز الأبحاث والدراسات العالمية والتي تقدم عبر الإنترنت معلومات وأرقاما ودراسات في غاية الاهمية لا تستطيع الحصول على اي منها من المؤسسات الأردنية التي ساهمت في إنتاجها!.
كلما كنت مسيطراً على المزيد من البيانات، كنت صاحب قيمة ومكانة إدارية في المؤسسة التي تعمل فيها، ونجاحك يرتبط مباشرة بمنع غيرك من الحصول على البيانات. في حالات معينة كان “المسيطر” على البيانات يجبر مؤسسات دولية ووزارات أخرى على اختياره “خبيراً” ضمن بعض فرق العمل، فقط من أجل منح البيانات للباحثين الآخرين من دون أن يبذل أدنى جهد في إعداد العمل المطلوب. في أحيان أخرى يكون امتلاك البيانات والمعلومات العامة أهم وسيلة للصعود في سلم التدرج المهني في المؤسسة.
هنالك عنصران أساسيان يجب أن يتضمنهما كل مشروع لقاعدة بيانات أو نشر للمعلومات في الأردن، هما الإتاحة والاستدامة، ومن دونهما تولد هذه المشاريع ميتة ولا يستفيد منها سوى باعة أجهزة الكومبيوتر ومصممو مواقع الإنترنت وقواعد البيانات والخبراء الذين يقومون بالدراسات، ولا يستفيد الرأي العام ولا الباحثون.
(الدستور)

تابعو الأردن 24 على google news