العشق الممنوع

ثمة عشق خفي بين الحكومة و"جرة الغاز" ، علاقة مشبوهة لا ترى بالعين المجردة ، فجميع الحكومات وعبر مر السنين احتفظت بهذه العلاقة قائمة وبنفس مستوى العشق والغزل والدلال . واستغرب الحصانة التي تتمتع بها "الجرة" دون غيرها ،وكأن هناك قانون يحميها او ظهر يدافع عنها . اجل ..."جرة الغاز" بعينها ذات التاج المدور والكرش المتهدل.

وبالرغم من القساوة التي تتعامل بها الحكومة مع المشتقات النفطية الاخرى : الديزل ، اوكتان بنزين واخوانه ، الزفته الخشنة والناعمة والكاز، والتي تُعد بحكم وشهادة خبراء النفط أعز نسلا وأغلى سعرا ، الا ان الدلال والحظوة تبقى لمتربعة القلوب و صاحبة الرائحة القاتلة.

مالذي كان يقوله رئيس الوزراء السابق لطاقمه قبل مفاجأة رفع الاسعار على المواطن..
- "ارفعوا الاسعار كما يحلو لكم ، وأفرحوا وأمرحوا"
و"سيسم" بدن الرئيس احد الوزراء ممن لم يتابعوا مسلسل " العشق الممنوع" ويسأل : حتى "جرة الغاز" دولتك ،،،، فينفجر "مهند" بوجه الوزير الغُر "كجرة غاز" لمحت عود كبريت ويرد بقهر:
- "لا يا فصيح ، الا "سمر"... هاي حصتي ، سيبك منها".

لاحظوا أيضا تصريحات وزير الصناعة والتجارة في مؤتمرات الرفع الصحفية، والتي تبدأ بالاعلان عن قائمة السلع التي سينُتهك سعرها وتنتهي بطمأنه المواطن بان الرفع لن يمس "جرة الغاز" حتى لوكان الرفع اخر عمل في حياته ،،،،

وسينتبه الوزير بان المؤتمر قد خُصص للاعلان عن رفع اسعار حليب الاطفال والسكر والرز والخضار والفواكه واللحوم والدواجن و تخفيض اسعار سجائر "الروثمان" ومعلبات السردين منتهية الصلاحية وملاقط الحواجب وبرك السباحة ودراجات السباق ، وان احداً من الصحفيين لم يتجرأ على ذكر "جرة الغاز" بكلمة واحدة ، أخال أنه العقل الباطني الذي "يشتغل" هنا ويحذره من "القطقوطة المدللـه".

حكاية العشق السابقة دعت الحكومة لتخصيص موسيقى كلاسيكية عند توزيع "جرات الغاز" على البيوت حفاظا على مشاعرها وقوامها الرشيق مع تجاهل واضح لكثير من السلع الاخرى "قليلة الحيلة" : الخضار والمنظفات و"الحلقوم" والملابس التي توزع بنفس الطريقة، حيث يضطر الموزع لاستخدام الزامور او صوته الاجش للترويج عن بضاعته .

الحملات التي تطلقها الحكومة لوقف العنف ضد جرة الغاز ايضا تبعث على الريبة، فهي الوحيدة دون غيرها التي يخصص لها حملات خاصة لتظهر صورها على شاشات التلفاز ويقوم احدهم بامساكها من اعلاها مطلقا النصائح التالية (امسكها برفق ، لا ترميها من فوق الدرج، تأكد من خلوها من الامراض، لا تدعها تنام على بطنها...تأكد من اصل وفصل بربيش الغاز المرافق لها....الخ ) ولربما اننا سنشهد زمنا تقوم فيه الحكومة باصدرارعقوبات صارمة لمن يتعدى على حقوق اي جرة غاز.

ان حال ثبات وديمومة بعض الوزراء في الحكومات ال كحال "جرة الغاز" التي بقيت بعيدة عن تكهنات الرفع او مخاوفة ، "فكراسي" بعض الوزراء ثابتة في الحكومة كمسمار فولاذ في جدار اسمنتي، وبغض النظر عن طول عمر الحكومة او قصرها فان اسمائهم باقية ولا مجال لتغييرها ، فهل هي قصة عشق اخرى للحكومة؟

وبهذا الشأن اقول لرئيس الوزراء الجديد مناشدا:
"أسوق عليك الله " ...ارحنا من هذه الاسماء ولترفع "سعر جرة" الغاز كما يحلو لك.

naeladwan@gmail.com