jo24_banner
jo24_banner

صبرا وشاتيلا أصبحت مشهدا يوميا!

باتر محمد علي وردم
جو 24 : عندما تم ارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا في مثل هذا اليوم في العام 1982 كان عمري 13 سنة، إذْ كنت طالبا في الصف الثاني الإعدادي في الكلية العلمية الإسلامية. أذكر الرعب الذي اصاب الجميع من تلك المشاهد التي علقت في الذاكرة لسنوات طويلة، وتحول إلى خوف وغضب شاهدناه في المدارس والشوارع والمنازل. حتى في إسرائيل خرجت مظاهرات كبيرة ضد المجزرة وضد الاجتياح الإسرائيلي للبنان. المجزرة نفذتها قوات الكتائب اللبنانية بمساعدة عصابة سعد حداد التابعة للاحتلال الإسرائيلي للجنوب، وتمت بتنسيق وحماية القوات الإسرائيلية المشرفة استراتيجيا على المخيمين طيلة 3 ايام وحشية.
إيلي حبيقة، المنفذ الرئيس للمجزرة مثال على التحولات الانتهازية للسياسة في لبنان أثناء الحرب الأهلية. حبيقة كان مدير العمليات القذرة في حزب الكتائب، ومن النخبة التي كانت تلتقي دوريا مع الضباط الإسرائيليين هو وبشير الجميل وميشال سماحة وغيرهم. حبيقة حول البندقية من الكتف الإسرائيلي للسوري بعد المجزرة بسنوات وأصبح من أهم حلفاء سوريا في لبنان وتم تسليمه بضع وزارات عاث فيها فسادا إلى تم اغتياله في العام 2002 في خضم حملة دولية للتحقيق بمجزرة صبرا وشاتيلا لإدانة شارون، ومن الواضح أن جهة ما أرادت إسكات حبيقة واسراره إلى الأبد.
لم يكن حبيقة وحده هو من تغير بل كل العالم العربي. اصبحت مشاهد صبرا وشاتيلا التي كانت مريعة وغير قابلة للتصديق في العام 1982 أمرا اعتياديا في معظم العالم العربي. فلسطين بشكل متواصل والعراق 1991 والجزائر في سنوات التطرف ولبنان في 2006 وفي مجازر قانا والعراق بعد الغزو الأميركي وسوريا منذ سنتين ومصر واليمن وليبيا في بضع حالات. يتم القتل على الهوية وحسب الانتماء السياسي أو حسب الطائفة والدين أو التواجد في منطقة سكنية معينة بدون أدنى اعتبار للقيم الإنسانية.
منذ صبرا وشاتيلا لم يعد الإسرائيليون يقتلون مباشرة وبالرصاص والسكين بل أوكلوا المهمة للعديد من الجهات التي رحيت بهذا الدور. أصبح العرب أنفسهم يقومون بهذا الدور ضد بعضهم وبكل الأسلحة التي يمكن تخيلها. أصبح الضحايا في التلفاز أرقاما يتم تعدادها مع بعض التحسر إلى أن يعود الجميع إلى حياتهم الطبيعية في انتظار المذبحة التالية بإيد عربية وضد ضحايا عرب.
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news