jo24_banner
jo24_banner

حقوق الإنسان بين الموقر وجنيف!

باتر محمد علي وردم
جو 24 : أتاحت وسائل التواصل الإلكتروني والبث المباشر لجلسات مجلس حقوق الإنسان في جنيف الفرصة لنا كأردنيين لمتابعة ردود فعل وتعليقات الدول المختلفة في الأمم المتحدة على تقرير الأردن الرسمي حول حقوق الإنسان. وفي واقع الأمر حصلنا على نصائح ثرية وقيمة في احترام حقوق الإنسان من قبل دول لا تمارس الحد الأدنى من احترام حقوق مواطنيها والمقيمين فيها. في نفس الوقت تعرض الأردن لنقد مفهوم ومبرر من قبل دول غربية وأوروبية مختلفة، بالرغم من اختلاف بعض المواقف السياسية معها فهي تملك المصداقية المطلوبة لتوجيه مثل هذا النقد لسجل الأردن في حقوق الإنسان. حاليا يتم إعداد تقرير شامل بالملاحظات التي ظهرت من قبل كافة الدول وتم تكليف ممثلي ثلاث دول التعاون لإصدار هذا التقرير وهي ليبيا وتايلند والجبل الاسود.
شهدت جنيف ايضا اجتماعا موازيا لمنظمات المجتمع المدني الأردنية لمناقشة التقرير الرسمي وتقديم تقرير الظل وهي سياسة معتمدة دوليا، وبكل أسف كان هنالك غياب رسمي كامل عن الاستماع إلى مضمون هذه الجلسة والاستفادة منها مما يعطي رسالة إما بعدم الاكتراث أو بعدم الإيمان بمفهوم الشراكة مع المجتمع المدني.
من سجن الموقر كان هنالك اعتراض آخر على ممارسات الأردن في حقوق الإنسان. ضيفنا المبجل الشيح ابو قتادة يشعر “بالغضب” من عدم تثبيت موعد محاكمته ومن “المعاملة” التي يتلقاها في السجن. بالطبع يجب أن نكون حريصين جدا على مشاعر وراحة بال أبي قتادة، فهو ليس فقط نموذجا في الرحمة والتعاطف ومرجعية دولية في حقوق الإنسان بل أحد ابرز الزبائن لدى وسائل الإعلام البريطانية التي تتابع كل ما يحدث معه. أبو قتادة الذي تسببت فتاواه في تبرير قتل المسلمين وغير المسلمين على حد سواء في معاناة عشرات الآلاف من الناس سواء ضحايا الإرهاب أو عائلاتهم وخاصة فتوى التترس المقيتة، كان قادرا على الاعتماد على أكثر من مليون جنيه إسترليني من أموال دافعي الضرائب من البريطانيين “الكفار” الذين أفتى بجواز قتلهم حتى يبقى في لندن متمتعا بسجن خمس نجوم وإعانة حكومية بدلا من العودة إلى الأردن للمحاكمة.
ممارسات الأردن في حقوق الإنسان بحاجة إلى تغيير نحو الأفضل وبخاصة التعامل مع المساجين السياسيين مثل نشطاء الحراك الشعبي وكذلك عدم جواز محاكمة المدنيين وفق محاكم عسكرية وغير ذلك من القضايا التي نبه إليها نشطاء حقوق الإنسان والإعلاميون الأردنيون في سنوات طويلة . هذا استحقاق ذاتي مطلوب من أجل الإصلاح السياسي ويجب أن يحدث نتيجة عوامل سياسية وأخلاقية داخلية وليس فقط استجابة لمعايير حقوق الإنسان العالمية التي وقعنا وصادقنا عليها.
نحتاج إلى تحسين السجل الأردني في حقوق الإنسان وإيقاف الممارسات المسيئة وغير المتجانسة مع قيم الدولة ومنظومة حقوق الإنسان العالمية ولكن آخر ما نحتاجه هو دروس في حقوق الإنسان من دول لا تحترم الحد الأدنى من حقوق الناس فيها، أو من إرهابيين تسببوا بفكرهم المريض في قتل آلاف الناس بلا ندم ولا مراجعة ضمير. في نفس الوقت تحتاج الحكومة إلى إظهار جدية مؤثرة وقناعة واضحة باحترام مواقف منظمات المجتمع المدني والاهتمام بتوصياتها وتنفيذها على المستوى الوطني لأن غياب الحضور الرسمي عن مناقشة ملاحظات منظمات المجتمع المدني رسالة سلبية للغاية أمام العالم.
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news