jo24_banner
jo24_banner

عندما لا يجدي المنطق نفعا!

باتر محمد علي وردم
جو 24 : واجهت مصاعب جمة اثناء تفكيري لكتابة مقال حول قرار الحكومة الأخير برفع اسعار البنزين 95 والكهرباء على قطاعات اقتصادية مختلفة. الخيار الأسهل بلا شك هو توجيه النقد والغضب واتهام الحكومة بعدم مراعاة المواطنين والتسبب بأزمة سياسية واقتصادية كبرى في البلاد. مقال كهذا سيجعل الكثيرين يعجبون به ويريحني شخصيا من عناء تهمة “الترويج للحكومة، او ما يسمى حاليا التسحيج لها”!

وفي المقابل يمكن الحديث ايضا عن أهمية اللجوء إلى خيارات ترشيد استهلاك الطاقة والتخفيف من الهدر الكبير الذي نشهده في الأردن، وذلك تماشيا مع تجارب دول كثيرة في العالم أكثر غنى من الأردن وهي دول صناعية متطورة مثل اليابان وأوروبا الغربية والتي اتخذت قرارات استراتيجية منذ السبعينيات في ترسيخ كفاءة استخدام الطاقة تخوفا من انقطاع النفط فاصبح ذلك نمط حياة. مثل هذا الكلام سيكون فذلكة لا داعي لها خاصة في ظل ظروف من إدارة الدول تختلف تماما عما هو قائم في اوروبا واليابان.

مشكلتنا باختصار هي عدم وجود سياسة اقتصادية أو تنموية صحيحة والاكتفاء بالتعامل مع ردود الأفعال. عندما كان يصل إلينا النفط الرخيص من العراق لم يكن هنالك اي سبب لترشيد الاستهلاك وتطوير بنية تحتية ونمط تفكير يجهز الدولة والمواطنين لأوقات صعبة. فمن الذي كان يتصور أن نظام صدام حسين سيسقط؟ بعد ذلك اتخذنا قرارا بتسليم مصادر الطاقة والكهرباء الأردنية إلى الغاز الطبيعي من مصر فمن الذي كان يتصور سقوط نظام حسني مبارك؟ سقط النظام العتيد وتم تفجير الخط الناقل للغاز 12 مرة وخسرنا 3 مليارات دولار من أجل تعويض الغاز المفقود بنفط من السوق الدولي. من أجل أمن الطاقة قمنا بتطوير برنامج للطاقة النووية يعتمد اساسا على تقديرات مبالغ بها لكميات اليورانيوم وتم تأسيس هيئة مستقلة للطاقة الذرية ومصاريف هائلة ولم نتمكن بسبب الغرور من التراجع عن هذا الوهم، بينما كان يمكن بنصف المبلغ تأمين نسبة كبيرة من احتياجات المملكة من مصادر الطاقة الشمسية.

كل هذا جيد، ومنطقي ولكن هل يثق المواطن بما يسمعه حول إدارة قطاع الطاقة في الأردن وحول سعر النفط وتكريره ومصاريف الموازنة العامة. كل حكومة تأتي بخطاب يتهم الحكومات السابقة. قبل 3 سنوات جلسنا مجموعة من الصحافيين وكتاب الأعمدة مع وزير مالية سابق ذكر لنا كل ارقام الهدر في النفقات العامة وخاصة النفقات الجارية وكيف وصلنا إلى المديونية لأن الحكومات السابقة استخدمت اسلوب “إصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب”. ذهبت حكومة الوزير المعني ووراءها حكومتين واستمر الانفاق بنفس الطريقة.

قرار رفع الأسعار تم بطريقة غير واضحة. لماذا لم تقم الحكومة باستشارة المجلس الاقتصادي الاجتماعي في كيفية تطوير حزمة تصحيح اقتصادية تعالج الخلل في الدعم والنفقات بطريقة تحمي الفئات الأكثر هشاشة وتعرضا للمخاطر من رفع الأسعار؟ اليس هذا هو دور المجلس أم أننا فقط نريد هيكلا مؤسسيا أمام الاتحاد الأوروبي لتعبئة الخانات الخاصة بتقارير تقييم سير الإصلاح؟ لماذا لم يتم فتح حوار مع المختصين من الاقتصاديين ولجنة الحوار الاقتصادي التي استخدمت لمرة واحدة في العام الماضي؟

لا أعرف فيما إذا كان أحد ما قد استفاد شيئا من السطور الماضية، ولكن المنطق يعجز هذه المرة!
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news