.حول «قناة البحرين» الجديدة!
باتر محمد علي وردم
أول الأخطاء التي تضمنتها التغطية الإعلامية هي أن الاتفاقية لم تكن حول قناة البحرين أصلا. هذه الاتفاقية هي ببساطة مشروع تبادل وبيع مياه بين الأطراف الثلاثة، ولكنه يعتمد في مبادئه على الأسس الأولية لمشروع قناة البحرين. سيتم إنشاء محطة لتحلية مياه البحر في العقبة تقوم بتحلية 85 مليون متر مكعب من المياه يتم استخدام 35 مليونا منها في محافظات الجنوب في الأردن وبيع 50 مليون متر مكعب لإسرائيل بسعر إنتاج المياه المحلاة. في المقابل ستقوم إسرائيل بضخ 50 مليون متر مكعب من بحيرة طبريا ليتم استخدامها في محافظات الشمال التي تشكو من نقص المياه. الطرف الفلسطيني سيحصل في هذه الاتفاقية على 30 مليون متر مكعب وهي أول مرة توافق فيها إسرائيل على تضمين فلسطين في اتفاقية إقليمية لتبادل المياه مما يجعلها سابقة قابلة للتكرار في كافة الاتفاقيات التالية.
الرابط بين هذا المشروع وفكرة قناة البحرين تتمثل في نقل المياه المالحة الناتجة عن التحلية والمقدرة بحوالي 100 مليون متر مكعب من محطة التحلية في العقبة إلى البحر الميت عبر أنابيب مما يساهم في زيادة منسوب البحر الميت 20 سم وهي كمية ضئيلة ولكن بامكانها ايقاف التسارع في انخفاض المستوى. ضخ 100 مليون متر مكعب من المياه المالحة الناتجة عن التحلية لن يضر ببيئة البحر الميت حسب نتائج دراسات تقييم الأثر البيئي للمشروع الكبير التي اشارت بأنه سيتم ظهور طبقة من الجبس والطحالب في البحر الميت في حال زادت كمية المياه التي يتم ضخها إليه عن 350 مليون متر مكعب سنويا. كميات المياه التي سيتم ضخها للبحر الميت ستشكل “تجربة بيئية حية” كبرى لدراسة التأثيرات المتوقعة في حال تم تنفيذ مشروع أكبر في المستقبل.
مشروع قناة البحرين الأصلي الذي كان يهدف إلى تحلية حوالي بليون متر مكعب من البحر الأحمر وإنشاء محطات تحلية وضخ 700 مليون متر مكعب للبحر الميت وبكلفة 10 بلايين دولار هو تقريبا في حكم المنتهي بسبب عدم وجود جهات قادرة على تمويله وكذلك للتأثيرات البيئية المتوقعة. في منتصف العام الحالي وصلت وزارة المياه والري وبخاصة الوزير حازم الناصر إلى القناعة المؤكدة بعدم امكانية تنفيذ المشروع الكبير مما أدى إلى التفكير بمشروع تبادل المياه على مستوى محدود ولكن ضمن الفكرة المبدئية نفسها.
في حال عدم تسييس المشروع، والقبول بالحقيقة المؤلمة التي تتمثل في أن اي تعاون إقليمي في مجال إدارة المياه سيشمل إسرائيل وليس السويد فإن هذا المشروع يمثل نتيجة ايجابية للموازنة المائية الأردنية والفلسطينية، ولكن ينبغي إبقاء المراقبة عالية على اية تداعيات بيئية محتملة لإنشاء وتنفيذ وتشغيل الأنبوب الناقل للمياه المالحة للبحر الميت وهذا يندرج ضمن أولويات الإدارة السليمة للمشاريع.
(الدستور)