jo24_banner
jo24_banner

الصورة الشاملة لتصريحات وزير التربية

باتر محمد علي وردم
جو 24 : هزت تصريحات وزير التربية والتعليم قبل ايام القطاع التعليمي في الأردن إضافة إلى المجتمع بشكل عام. بلا شك أن قيام الوزير المسؤول عن ملف التربية بالإشارة إلى أن 100 ألف طالب في الأردن لا يعرفون القراءة والكتابة هو أمر مريع، ولكن من المهم مراجعة المصادر التي جاء منها التصريح.
على الأغلب فإن تصريح الوزير جاء استنادا إلى دراسة أجرتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ونشرت في آب 2012 بعنوان “أداء الطلاب في القراءة والحساب والممارسات التربوية والإدارة المدرسية في الأردن” والتي ركزت على طلبة الصفوف الثلاثة الأولى في المدارس. الدراسة استخدمت عينة من 3120 طالبا موزعة على 156 مدرسة في الأردن وفي كافة المحافظات. النسبة 22% التي اشار إليها الوزير مأخوذة من هذه العينة، وعند تقسيم العدد الكلي للطلاب في الأردن على هذه النسبة ينتج لدينا رقم 100 ألف طالب. ربما تكون العينة المأخوذة عشوائيا من 156 مدرسة ممثلة بشكل منطقي وشمولي للطلبة ولكن هذا أمر يحسمه المختصون في الإحصاء، ولكن وزارة التربية لم تقم بتقييم 100 ألف طالب بأنهم لا يعرفون القراءة والكتابة أو أنهم “أميين” كما كانت تغطية وسائل الإعلام.
الهدف الرئيسي للدراسة كان تقييم المهارات التي يمتلكها طلبة الصفوف الثلاثة الأولى في القراءة والحساب. في جزئية القراءة تم اختيار خمس مهارات للتقييم وهي معرفة أصوات الحروف وقراءة الكلمات غير المألوفة والطلاقة في قراءة سد نصي والفهم القرائي والفهم الاستيعابي وهذا يعني أن التقييم لم يكن حول مستوى الأمية بل حول مهارات محددة تفترض في الأساس امتلاك قدرات القراءة الاساسية. الدراسة وجدت أن نقاط الضعف الأساسية هي في قراءة السرد النصي حيث كان هنالك بطء شديد لدى غالبية الطلبة وكذلك في قراءة الكلمات غير المألوفة بينما كان الأداء أفضل في المهارات الأخرى. السبب في ذلك حسب الدراسة يعود إلى أن أغلبية المنهاج الأردني لا يركز ابدا على قراءة أصوات الحروف أو قراءة الكلمات المنفصلة.
المثير للاهتمام أيضا أنه لم تكن هنالك فروقات جوهرية إحصائيا بين الطلبة في المناطق الثلاث (الشمال، الوسط والجنوب) في المهارات بينما كان هنالك تفوق واضح للإناث على الذكور في هذه المهارات. وهذا ما يناقض نظرية أن سبب التفوق الأكاديمي للفتيات على الشباب في امتحان الثانوية العامة هو اختيارهن الدراسة للهروب من الواجبات المنزلية والتي أطلقها وزير تربية سابق! طالبات الصفوف الثلاثة الأولى لا يتحملن مسؤوليات منزلية ولكنهن أكثر قدرة على القراءة من الطلاب الذكور، وربما يكون من المفيد مقارنة تلك النتائج بدراسات مشابهة في العالم لمعرفة فيما إذا كانت ظاهرة منتشرة أم مقتصرة على الأردن!
توصيات الوزير في تصريحاته تطالب ببناء مدارس جديدة وزيادة السلم الدراسي إلى 13 سنة بدلا من 12 ولكن هذه ليست الاستجابات المطلوبة للواقع الحالي لأن المشكلة قد تكون في طبيعة المناهج وكفاءة المعلمين. لو يتم استثمار الموازنة المطلوبة لبناء مدارس جديدة في تحسين كفاءة المعلمين ومنحهم مكتسبات إضافية وخاصة في مدارس القرى النائية وتحسين البيئة المدرسية وخاصة الخدمات العامة والتدفئة والعمل على تحسين مناهج الصفوف الأولى لكان ذلك أجدى بكثير من تحسين حركة البناء العمراني ومكاسب المقاولين وبناء مدارس تبقى مفتقدة للمعلمين والأدوات التعليمية والمناهج السليمة.
الهدف الرئيسي للدراسات العلمية هو تقييم الواقع بحيادية لتطوير استجابات ومشاريع ترتبط مباشرة بمصادر المشاكل، وليس تركيب طموحات مسبقة على دراسات جديدة للترويج لها.
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news