الشعب السوري في قبضة الإجرام
باتر محمد علي وردم
جو 24 : الوضع في سوريا يصل إلى الحدود القصوى للمأساة الإنسانية. الدولة السورية تنهار تدريجيا وبقسوة شديدة ووطأة من المعاناة التي لا يحتملها البشر. الشعب السوري لا يزال منذ سنتين في قبضة مجرمين من كافة الأطراف التي تخوض حربا وحشية بالوكالة في الأراضي السورية.
المشكلة الكبرى هي أن أفضل الناس في سوريا يواجهون خيار الموت، أو المعاناة اليومية من الجوع والحصار وفقدان سبل المعيشة بالحد الأدنى المطلوب إنسانيا، وإن المحظوظين منهم قادرون على الهرب إلى دول تمنحهم ظروف حياة أكثر أمنا. في المقابل فإن اسوأ الناس في سوريا أخلاقا وسلوكا وأفكارا هم الذين يتخذون قرارات الحياة والموت لبقية الناس. سوريا اصبحت تحت حكم شريعة الغاب حيث البقاء للأقوى والاسوأ والأكثر وحشية والأقل رحمة والمشكلة أن المنافسة الضارية على الوحشية تصل إلى حدود غير مسبوقة بين كافة الأطراف.
الشعب السوري يتعرض إلى عنف وحشي من قبل النظام تارة بالمذابح التي يرتكبها الشبيحة، ثم الأسلحة الكيماوية فالبراميل المتفجرة التي تلقيها الطائرات على المدنيين وكذلك سياسات الحصار والتجويع التي يتم ممارستها ضد أحياء ومدن وقرى بأكملها من قبل النظام. في الطرف الآخر يواجه المجتمع السوري وحشية مماثلة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، وغيره من التنظيمات المتطرفة التي تعتقد أن قتل الناس هو أقرب طريق للجنة. هذه التنظيمات تستغل فراغ السلطة وسيادة العنف لفرض أجندة من الإرهاب السياسي والاجتماعي على الناس وتخريب كل مكتسبات الحداثة التي حصل عليها الشعب السوري بمشقة كبيرة في السنوات الماضية.
هذه الظروف السيئة لا تساعد إلا النظام والذي يتمتع الآن بتخفيف الضغط الخارجي عليه لأن القناعة وصلت بأن الإبقاء على نظام يصرخ حول المقاومة دون أن يتصدى لأي انتهاكات إسرائيلية لحرمة بلاده أفضل بكثير من فتح المجالات لتنظيمات مثل: القاعدة تقوم بنشر ثقافة القتل والإرهاب في كل المنطقة. ما بدأ كثورة مبررة ومنطقية ضد نظام بطش بشعبه سنوات طويلة تحول الآن إلى حرب قاسية بالوكالة تخوضها عدة أطراف إقليمية ودولية ضد بعضها البعض وباتت تميل لمصلحة النظام.
ماذا يبقى أمام الشعب السوري الآن إلا محاولة البقاء على قيد الحياة لأكبر فترة من الوقت على أمل انتهاء الجنون الذي يحيط به من كافة الأطراف؟ الحل العسكري النهائي لا يبدو قابلا للتحقق لأي طرف قريبا ولكن المعطيات الحالية تشير إلى تغيير مسار تيار الصراع لمصلحة النظام تدريجيا. الخيار الآن أمام الشعب السوري لم يعد الحرية والديمقراطية التي كان يحلم بها منذ بداية الثورة بل التخلص من الجهة الأسوأ التي تمارس الإجرام ضده. هل يصل الشعب السوري إلى مرحلة القبول بالنظام للخلاص من شر التنظيمات المتطرفة، أو يضطر للاستمرار في المعركة ضد النظام على أمل حدوث تغيير ايجابي، أو أنه فقد منذ فترة طويلة قدرة التأثير على الأمور وأن الجحيم المستمر في سورية يتم تغذيته من الخارج ولن يتوقف إلا بقرارات من عواصم أخرى؟
الأشهر القادمة ستشهد صراعا ضاريا بين التنظيمات الأصولية المختلفة وخاصة تجمع العديد من جبهات الثورة ضد الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام وهو صراع سيضعف الطرفين وربما يجعل النظام أكثر قدرة على الحسم. بالنسبة لنسبة كثيرة من الناس في سوريا فإن الخلاص هو في وقف القتال بغض النظر عن مَنْ يبقى واقفا بعد إطلاق الرصاصة الأخيرة.
(الدستور)
المشكلة الكبرى هي أن أفضل الناس في سوريا يواجهون خيار الموت، أو المعاناة اليومية من الجوع والحصار وفقدان سبل المعيشة بالحد الأدنى المطلوب إنسانيا، وإن المحظوظين منهم قادرون على الهرب إلى دول تمنحهم ظروف حياة أكثر أمنا. في المقابل فإن اسوأ الناس في سوريا أخلاقا وسلوكا وأفكارا هم الذين يتخذون قرارات الحياة والموت لبقية الناس. سوريا اصبحت تحت حكم شريعة الغاب حيث البقاء للأقوى والاسوأ والأكثر وحشية والأقل رحمة والمشكلة أن المنافسة الضارية على الوحشية تصل إلى حدود غير مسبوقة بين كافة الأطراف.
الشعب السوري يتعرض إلى عنف وحشي من قبل النظام تارة بالمذابح التي يرتكبها الشبيحة، ثم الأسلحة الكيماوية فالبراميل المتفجرة التي تلقيها الطائرات على المدنيين وكذلك سياسات الحصار والتجويع التي يتم ممارستها ضد أحياء ومدن وقرى بأكملها من قبل النظام. في الطرف الآخر يواجه المجتمع السوري وحشية مماثلة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، وغيره من التنظيمات المتطرفة التي تعتقد أن قتل الناس هو أقرب طريق للجنة. هذه التنظيمات تستغل فراغ السلطة وسيادة العنف لفرض أجندة من الإرهاب السياسي والاجتماعي على الناس وتخريب كل مكتسبات الحداثة التي حصل عليها الشعب السوري بمشقة كبيرة في السنوات الماضية.
هذه الظروف السيئة لا تساعد إلا النظام والذي يتمتع الآن بتخفيف الضغط الخارجي عليه لأن القناعة وصلت بأن الإبقاء على نظام يصرخ حول المقاومة دون أن يتصدى لأي انتهاكات إسرائيلية لحرمة بلاده أفضل بكثير من فتح المجالات لتنظيمات مثل: القاعدة تقوم بنشر ثقافة القتل والإرهاب في كل المنطقة. ما بدأ كثورة مبررة ومنطقية ضد نظام بطش بشعبه سنوات طويلة تحول الآن إلى حرب قاسية بالوكالة تخوضها عدة أطراف إقليمية ودولية ضد بعضها البعض وباتت تميل لمصلحة النظام.
ماذا يبقى أمام الشعب السوري الآن إلا محاولة البقاء على قيد الحياة لأكبر فترة من الوقت على أمل انتهاء الجنون الذي يحيط به من كافة الأطراف؟ الحل العسكري النهائي لا يبدو قابلا للتحقق لأي طرف قريبا ولكن المعطيات الحالية تشير إلى تغيير مسار تيار الصراع لمصلحة النظام تدريجيا. الخيار الآن أمام الشعب السوري لم يعد الحرية والديمقراطية التي كان يحلم بها منذ بداية الثورة بل التخلص من الجهة الأسوأ التي تمارس الإجرام ضده. هل يصل الشعب السوري إلى مرحلة القبول بالنظام للخلاص من شر التنظيمات المتطرفة، أو يضطر للاستمرار في المعركة ضد النظام على أمل حدوث تغيير ايجابي، أو أنه فقد منذ فترة طويلة قدرة التأثير على الأمور وأن الجحيم المستمر في سورية يتم تغذيته من الخارج ولن يتوقف إلا بقرارات من عواصم أخرى؟
الأشهر القادمة ستشهد صراعا ضاريا بين التنظيمات الأصولية المختلفة وخاصة تجمع العديد من جبهات الثورة ضد الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام وهو صراع سيضعف الطرفين وربما يجعل النظام أكثر قدرة على الحسم. بالنسبة لنسبة كثيرة من الناس في سوريا فإن الخلاص هو في وقف القتال بغض النظر عن مَنْ يبقى واقفا بعد إطلاق الرصاصة الأخيرة.
(الدستور)