jo24_banner
jo24_banner

دولة هوليوود في جنوب السودان تنهار !

باتر محمد علي وردم
جو 24 : بعد أقل من سنتين على إعلانها في احتفالية عالمية فريدة، تواجه دولة جنوب السودان مصيرا بائسا وحاضرا مفجعا من خلال الاقتتال القبلي الذي يفككها من الداخل وتسبب في انهيار حكومتها واقتصادها ودفع أكثر من نصف مليون شخص حتى الآن إلى مأساة اللجوء. آخر الأخبار الواردة من جنوب السودان تشير إلى دخول الجيش الأوغندي إلى المناطق الجنوبية الثرية بالموارد الطبيعية وقد يشكل ذلك بوابة لصراع إقليمي يجعل الدولة الوليدة لا تختلف عن اية دولة إفريقية وقعت في شر الفساد والعنف.
لم تقم دولة جنوب السودان على أسس سياسية واجتماعية سليمة، بل قامت بناء على دعاية دولية استمرت لعدة سنوات وحاولت تصوير الواقع في جنوب السودان بأسوأ مما كان عليه وأن الحل الوحيد هو في الانفصال. بالطبع لا يمكن اعتبار حكومة السودان ديمقراطية، وتعاملها مع جنوب السودان كانت دائما تشوبه مشاكل العنف والرغبة في السيطرة التامة والتضيق على الحريات الدينية والثقافية. لكن الحملة الإعلامية التي شنها العديد من الشخصيات الفنية والسياسية والدينية في الغرب ومنهم الممثل الشهير جورج كلوني في رحلات مستمرة للمنطقة ساهمت في حشد تأييد دولي للانفصال.
الصورة التي كانت ترسل إلى المجتمع الدولي تمثلت في شعب مضطهد دينيا وثقافيا واقتصاديا يتوق للخلاص من “عنصرية” العرب والمسلمين في السودان ويهدف لإقامة حكم ديمقراطي وتحقيق الحرية للشعب المنكوب. بعد استقلال جنوب السودان ظهرت قضايا الفساد الهائلة والتي تمثلت في تبخر 4 مليارات دولار من المساعدات الدولية وأموال الخزينة خلال سنة واحدة إضافة إلى سوء البنية التحتية والخدمات العامة. تبهى رئيس جنوب السودان سيلفا كير بقبعته وتباهي رئيس الوزراء بأمواله وساهم الاثنان في استنزاف موارد الدولة النفطية والمعدنية التي فتحت شهية المستثمرين الأجانب.
تنقسم جنوب السودان الآن إلى قبيلتين تتصارعان بكل أنواع المشاعر البدائية، وتهرب مئات الآلاف من الأسر من المعارك الدائرة ويخشى الجميع السقوط في فخ من الصراع الطويل. يقوم سيلفا كير بطلب المساعدة من عمر البشير ولكن من الصعب التدخل في هذه الظروف وخاصة بعد سنوات من زرع مشاعر الكراهية تجاه الشمال. لن ينقذ جورج كلوني جنوب السودان مرة أخرى بل ما سينقذها هو ظهور قادة يحملون من المنطق ما يمكن ان يساهم في تحويل القبائل إلى مجتمع وفرض القانون على الجميع.
لا تؤسس الدول على المشاعر سواء التعاطف أو الكراهية بل على عوامل مختلفة من شروط الاستدامة منها وجود مجتمع متجانس وثقافة عامة وتاريخ مشترك ورغبة في التقدم نحو الأمام وحكومات ودول قادرة على إدارة الموارد بطريقة سليمة وبدون فساد. لم يتم دراسة هذه العوامل والتأكد من وجودها في جنوب السودان حيث يدفع الجميع الثمن الآن.
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news