عندما كانت مرجعية العلم عربية
باتر محمد علي وردم
جو 24 : قرأت باستمتاع شديد كتاب بروفيسور الفيزياء النظرية البريطاني من أصل عراقي جيم الخليلي، والذي نشرت شركة دار المطبوعات اللبنانية ترجمة ممتازة له تحت عنوان “الرواد” ويوثق فيه إسهامات العلماء العرب والمسلمين في تطور الثقافة والفكر العلمي في الفترة الفاصلة ما بين الإغريق وعصر التنوير الأوروبي. هذه الفترة يتجاهلها الكثير من المؤرخين والعلماء الغربيين ولكن المؤسف حقا هو أن القليل فقط من الأجيال العربية الحديثة تدرك مدى المساهمة التي قدمها العلماء العرب والمسلمين، وعلماء من أديان أخرى عاشوا ضمن مناخ الحرية والإبداع الذي دعمته عدة امبراطوريات مسلمة في القرون الوسطى.
كتب جيم الخليلي وهو أحد أهم العلماء البريطانيين في مجال تبسيط العلوم ويقدم برنامجا يحظى بمتابعة هائلة على قناة البي بي سي عرضا تاريخيا روائيا مثيرا لحوالي 700 سنة من العلوم العربية. لم يكتف الخليلي بعرض إنجازات العلماء ولكن حاول تفسير وفهم الظروف والبيئة المحيطة التي جعلتهم يبدعون. يبدأ المؤلف رحلته من بغداد في عصر هارون الرشيد ومن ثم المأمون واهتمامه الكبير بالعلوم والفلسفة والدعم الذي قدمه لبناء بيت الحكمة ومنح المترجمين والعلماء كافة الحوافز المطلوبة للعمل.
ما يتضمنه الكتاب والمعتمد على مراجع عربية وأجنبية موثقة مدهش حقا وخاصة في سياق البيئة المحيطة التي دعمت البحث العلمي والترجمة حيث كانت الظروف تشبه الجامعات الحديثة والمنح الدراسية والدعم المادي غير المحدود والمكانة الاجتماعية العالية الممنوحة للعلماء. العامل الأساسي الآخر الذي ساهم في النشأة الإبداعية للعلوم العربية كان جو التسامح والدعم والإندماج الذي شهدته بغداد وكافة مناطق الخلافة العباسية ما بين عدة أعراق مسلمة وكذلك من أصحاب الديانات الأخرى الذين ساهموا بشكل كبير في تطور العلوم العربية.
وضع العلوم في العالم العربي تراجع بشدة منذ سقوط الأندلس وبداية مرحلة التعصب الفكري والتشتت السياسي والضعف والإنغلاق التي سادت العالم الإسلامي حتى اليوم. للأسف فإن التطور الكبير في وسائل الإنتاج والاستهلاك في الكثير من الدول العربية لم يترافق مع استعادة تلك الظروف الفريدة التي أنشأها المأمون وتابع استمرارها العديد من الخلفاء الآخرين. العلم كان دائما عنصرا اساسيا في الحضارة الإسلامية الحقيقية ولا يمكن أن يكون متناقضا أو متنافسا مع العقيدة إلا في عقول الجهلة سواء من مدعي العلم أو مدعي الوصاية على الإسلام.
(الدستور)
كتب جيم الخليلي وهو أحد أهم العلماء البريطانيين في مجال تبسيط العلوم ويقدم برنامجا يحظى بمتابعة هائلة على قناة البي بي سي عرضا تاريخيا روائيا مثيرا لحوالي 700 سنة من العلوم العربية. لم يكتف الخليلي بعرض إنجازات العلماء ولكن حاول تفسير وفهم الظروف والبيئة المحيطة التي جعلتهم يبدعون. يبدأ المؤلف رحلته من بغداد في عصر هارون الرشيد ومن ثم المأمون واهتمامه الكبير بالعلوم والفلسفة والدعم الذي قدمه لبناء بيت الحكمة ومنح المترجمين والعلماء كافة الحوافز المطلوبة للعمل.
ما يتضمنه الكتاب والمعتمد على مراجع عربية وأجنبية موثقة مدهش حقا وخاصة في سياق البيئة المحيطة التي دعمت البحث العلمي والترجمة حيث كانت الظروف تشبه الجامعات الحديثة والمنح الدراسية والدعم المادي غير المحدود والمكانة الاجتماعية العالية الممنوحة للعلماء. العامل الأساسي الآخر الذي ساهم في النشأة الإبداعية للعلوم العربية كان جو التسامح والدعم والإندماج الذي شهدته بغداد وكافة مناطق الخلافة العباسية ما بين عدة أعراق مسلمة وكذلك من أصحاب الديانات الأخرى الذين ساهموا بشكل كبير في تطور العلوم العربية.
وضع العلوم في العالم العربي تراجع بشدة منذ سقوط الأندلس وبداية مرحلة التعصب الفكري والتشتت السياسي والضعف والإنغلاق التي سادت العالم الإسلامي حتى اليوم. للأسف فإن التطور الكبير في وسائل الإنتاج والاستهلاك في الكثير من الدول العربية لم يترافق مع استعادة تلك الظروف الفريدة التي أنشأها المأمون وتابع استمرارها العديد من الخلفاء الآخرين. العلم كان دائما عنصرا اساسيا في الحضارة الإسلامية الحقيقية ولا يمكن أن يكون متناقضا أو متنافسا مع العقيدة إلا في عقول الجهلة سواء من مدعي العلم أو مدعي الوصاية على الإسلام.
(الدستور)