خيارات الشعب المصري نحو المستقبل
فهمي الكتوت
جو 24 : تمر الثورة المصرية بمنعطف خطير، وخيارات المواطن المصري أصبحت أكثر حساسية وتعقيدا، في ظل واقع ملموس لا يمكن تجاهله. فمن الناحية الموضوعية يشتد الصراع بين قوى الثورة المصرية التي يمتد فضاؤها بين مختلف ألوان الطيف السياسي، ونظام مبارك ممثلا بمرشحه أحمد شفيق، ومعظم مؤسسات الدولة المدنية العسكرية، التي تنتمي للماضي. أما خلافات القوى المناهضة للنظام السابق تمتد الى حد العداء الذي يدفعها للتخندق في معركة قد تؤدي الى وأد الثورة، رغم ان المساحات التي تجمعها أرحب بكثير من مساحات الاختلاف، وفي مقدمتها التوافق على مواجهة نظام الفساد والاستبداد.
ورغم خصائص كل دولة عربية، وادراكنا ان اهل مكة أدرى بشعابها، مع ذلك كلنا بالهمّ شرق، وأن الظروف والتحديات التي تواجه الشقيقة الكبرى مصر، هي جزء من التحديات التي تواجه الأمة العربية عامة، والكل يدرك أن مصر قاطرة الأمة العربية، تقودها أينما اتجهت، خاصة وأن العدو الصهيوني التوسعي ما زال يشكل إحدى أبرز التحديات للوطن العربي.
لقد أفرزت التجربة المصرية معطيات تضع المصريين أمام خيارين أحلاهما مرّ، إما تفرد التيار الاسلامي بالسلطة في حال تمكنه من اجتياز انتخابات الإعادة وما يعنيه هذا التفرد لحركة سياسية من تحديات وأعباء ومسؤوليات جسيمة قد تعرض التجربة لأفدح المخاطر، وتضع قوى متعددة المشارب سياسيا وطائفيا في مواجهتها، أو عودة فلول النظام السابق للحكم واعادة الشعب المصري الى المربع الاول، وما يعنيه ذلك من حالة الاحباط والتوتر، ومظاهر العنف والانتقام.
اما خشبة النجاة تكمن بالخيار الثالث الذي لا بد من التفكير به جديا، قبل فوات الاوان لوضع قوى الثورة المصرية بمسارها الصحيح، لقد حاز مرشحو الاتجاهات السياسية " الاسلامي والقومي والمدني" محمد مرسي وحمدين صباحي وعبد المنعم ابو الفتوح وعمرو موسى مجتمعين على 17 مليون و239 الف صوت مقابل 5 ملايين و505 آلاف صوت لمرشح الفلول احمد شفيق. هذا لا يعني أن أصوات الأغلبية ستذهب الى مرسي بشكل عفوي في انتخابات الاعادة. فضمان توجه معظمها يتطلب برنامجا وطنيا في اطار جبهوي، يمهد لمرحلة انتقالية لبناء الدولة المدنية الديمقراطية، استنادا لدستور جديد يكفل فصل السلطات الثلاث، وضمان استقلالها ، وبناء اقتصاد وطني، وحماية اهداف الثورة . بالوصول الى صيغة ائتلافية تجمع عليها هذه القوى وتقدمها للرأي العام بخطوطها العريضة وابعادها الرئيسية :
1-الاتفاق على هيئة رئاسة تتشكل من التيارات "الاسلامي ،القومي، المدني"، اخذين بعين الاعتبار تركيبة المجتمع المصري " مسلمين واقباط" تتولى تأمين قيادة جماعية، وتشكل صمام امان لحماية الثورة، وتحصين وحدتها الوطنية بوجه محاولات اللعب على اوتار الطائفية. وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتمتع بكفاءة عالية ونزاهة، بقيادة شخصية وطنية جامعة تحمل برنامج وطني مقر من قبل الائتلاف.
2- من الناحية السياسية الاتفاق على المبادىء الاساسية للدستور، واقامة دولة مدنية ديمقراطية تؤمن بالتعددية السياسية والفكرية، وتضمن المساواة للمواطنين كافة بالحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين او العرق او الجنس او القومية، وتتمتع المرأة بحقوقها المدنية والسياسية كافة.
3- صحيح ان هناك خلافا بين البرامج الاقتصادية لكل من التيار الاسلامي والتيار القومي، الا ان القواسم المشتركة للمرحلة الانتقالية، من النواحي الاقتصادية والاجتماعية،تحتمل برنامجا وطنيا اقتصاديا واجتماعيا يشكل قاسما مشتركا بين مختلف التيارات الوطنية والاسلامية، يكفل النهوض بالاقتصاد المصري من حالة التخلف والتبعية والانتقال الى اقتصاد انتاجي متنوع يسهم بتطوير مختلف القطاعات الحيوية "الزراعة والصناعة والسياحة والطاقة والمواصلات وغيرها، وبما يسهم بمعالجة قضايا الفقر والبطالة، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
4- تجمع القوى السياسية المناهضة لنظام مبارك كافة ان اتفاقية كامب ديفد مجحفة بحق العرب والمصريين، ومن حق الشعب المصري ان يعيد النظر بها مستقبلا عندما تسمح الظروف السياسية بذلك، لكن هناك قضايا وطنية وقومية ملحة تحتاج الى معالجة، ابرزها فك الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتفعيل الثقل السياسي لمصر عربيا واسلاميا باتجاه تعديل موازين القوى في الصراع العربي – الاسرائيلي لضمان الحقوق الوطنية الفلسطينية وتطبيق قرارات الشرعية الدولية بالانسحاب من الاراضي المحتلة وتفكيك المستوطنات والجدار وحق العودة للاجئين الفلسطينيين.
لا شك ان التجربة العملية اكثر تعقيدا من اختزالها بمقال، او رؤية سياسية نحو بناء جبهة وطنية، لكن هذا الخيار رغم الصعوبات التي ستواجهه بالممارسة العملية، الا انه اقل ثمنا من الصراع التناحري، وان القوى المنحازة للحرية والديمقراطية والدولة المدنية انظارها مشدودة لما يجري في مصر، فالتجربة المصرية سوف تترك بصماتها على الوطن العربي.
العرب اليوم
ورغم خصائص كل دولة عربية، وادراكنا ان اهل مكة أدرى بشعابها، مع ذلك كلنا بالهمّ شرق، وأن الظروف والتحديات التي تواجه الشقيقة الكبرى مصر، هي جزء من التحديات التي تواجه الأمة العربية عامة، والكل يدرك أن مصر قاطرة الأمة العربية، تقودها أينما اتجهت، خاصة وأن العدو الصهيوني التوسعي ما زال يشكل إحدى أبرز التحديات للوطن العربي.
لقد أفرزت التجربة المصرية معطيات تضع المصريين أمام خيارين أحلاهما مرّ، إما تفرد التيار الاسلامي بالسلطة في حال تمكنه من اجتياز انتخابات الإعادة وما يعنيه هذا التفرد لحركة سياسية من تحديات وأعباء ومسؤوليات جسيمة قد تعرض التجربة لأفدح المخاطر، وتضع قوى متعددة المشارب سياسيا وطائفيا في مواجهتها، أو عودة فلول النظام السابق للحكم واعادة الشعب المصري الى المربع الاول، وما يعنيه ذلك من حالة الاحباط والتوتر، ومظاهر العنف والانتقام.
اما خشبة النجاة تكمن بالخيار الثالث الذي لا بد من التفكير به جديا، قبل فوات الاوان لوضع قوى الثورة المصرية بمسارها الصحيح، لقد حاز مرشحو الاتجاهات السياسية " الاسلامي والقومي والمدني" محمد مرسي وحمدين صباحي وعبد المنعم ابو الفتوح وعمرو موسى مجتمعين على 17 مليون و239 الف صوت مقابل 5 ملايين و505 آلاف صوت لمرشح الفلول احمد شفيق. هذا لا يعني أن أصوات الأغلبية ستذهب الى مرسي بشكل عفوي في انتخابات الاعادة. فضمان توجه معظمها يتطلب برنامجا وطنيا في اطار جبهوي، يمهد لمرحلة انتقالية لبناء الدولة المدنية الديمقراطية، استنادا لدستور جديد يكفل فصل السلطات الثلاث، وضمان استقلالها ، وبناء اقتصاد وطني، وحماية اهداف الثورة . بالوصول الى صيغة ائتلافية تجمع عليها هذه القوى وتقدمها للرأي العام بخطوطها العريضة وابعادها الرئيسية :
1-الاتفاق على هيئة رئاسة تتشكل من التيارات "الاسلامي ،القومي، المدني"، اخذين بعين الاعتبار تركيبة المجتمع المصري " مسلمين واقباط" تتولى تأمين قيادة جماعية، وتشكل صمام امان لحماية الثورة، وتحصين وحدتها الوطنية بوجه محاولات اللعب على اوتار الطائفية. وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتمتع بكفاءة عالية ونزاهة، بقيادة شخصية وطنية جامعة تحمل برنامج وطني مقر من قبل الائتلاف.
2- من الناحية السياسية الاتفاق على المبادىء الاساسية للدستور، واقامة دولة مدنية ديمقراطية تؤمن بالتعددية السياسية والفكرية، وتضمن المساواة للمواطنين كافة بالحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين او العرق او الجنس او القومية، وتتمتع المرأة بحقوقها المدنية والسياسية كافة.
3- صحيح ان هناك خلافا بين البرامج الاقتصادية لكل من التيار الاسلامي والتيار القومي، الا ان القواسم المشتركة للمرحلة الانتقالية، من النواحي الاقتصادية والاجتماعية،تحتمل برنامجا وطنيا اقتصاديا واجتماعيا يشكل قاسما مشتركا بين مختلف التيارات الوطنية والاسلامية، يكفل النهوض بالاقتصاد المصري من حالة التخلف والتبعية والانتقال الى اقتصاد انتاجي متنوع يسهم بتطوير مختلف القطاعات الحيوية "الزراعة والصناعة والسياحة والطاقة والمواصلات وغيرها، وبما يسهم بمعالجة قضايا الفقر والبطالة، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
4- تجمع القوى السياسية المناهضة لنظام مبارك كافة ان اتفاقية كامب ديفد مجحفة بحق العرب والمصريين، ومن حق الشعب المصري ان يعيد النظر بها مستقبلا عندما تسمح الظروف السياسية بذلك، لكن هناك قضايا وطنية وقومية ملحة تحتاج الى معالجة، ابرزها فك الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتفعيل الثقل السياسي لمصر عربيا واسلاميا باتجاه تعديل موازين القوى في الصراع العربي – الاسرائيلي لضمان الحقوق الوطنية الفلسطينية وتطبيق قرارات الشرعية الدولية بالانسحاب من الاراضي المحتلة وتفكيك المستوطنات والجدار وحق العودة للاجئين الفلسطينيين.
لا شك ان التجربة العملية اكثر تعقيدا من اختزالها بمقال، او رؤية سياسية نحو بناء جبهة وطنية، لكن هذا الخيار رغم الصعوبات التي ستواجهه بالممارسة العملية، الا انه اقل ثمنا من الصراع التناحري، وان القوى المنحازة للحرية والديمقراطية والدولة المدنية انظارها مشدودة لما يجري في مصر، فالتجربة المصرية سوف تترك بصماتها على الوطن العربي.
العرب اليوم