jo24_banner
jo24_banner

كيف أصبح الدستور التونسي أكثـر تقدما من «الأميركي»؟

باتر محمد علي وردم
جو 24 : الدستور التونسي الجديد الذي تم التوصل إليه بعد فترة طويلة من الحوار الوطني والنقاش العميق الذي انتشر في كافة المؤسسات والقطاعات في تونس يشكل أهم وثيقة إصلاحية في تاريخ العالم العربي الحديث. في مسار الإصلاح العربي ربما سيتم التوثيق لمرحلة ما قبل الدستور التونسي بشكل منفصل عن المرحلة التالية، وإذا كانت شرارة الثورات العربية قد انطلقت من تونس بطريقة أحرقت العديد من الدول العربية بكل اسف فإن خطوة البناء الأولى قد تتمثل في الدستور الجديد.

مضمون الدستور التونسي يعتبر واحدا من الأكثر تقدما وحداثة في كافة أنحاء العالم وربما يكون أكثر تقدما من بعض الدساتير الغربية ومنها الدستور الأميركي نفسه. هذا الكلام ليس مبالغة بدافع الحماس أو محاولة للتضليل ولكن نتيجة تحليل قام به باحث أميركي ونشره قبل أيام، وركز فيه على أربع قضايا ذات طبيعة تنموية وإنسانية تواجدت بشكل مثير للتقدير في الدستور التونسي وتغيب عن الدساتير الأخرى.

في مجال الرعاية الصحية أشار الدستور التونسي بأن الصحة هي من الحقوق الأساسية للمواطن التونسي وأن واجب الدولة هو توفير الرعاية الصحية الوقائية لكافة المواطنين وكل أنواع العلاج اللازم وتوفير النوعية العالية للخدمات الصحية. كما تضمن الدولة تضمن الدولة العلاج المجاني لفاقدي السند، ولذوي الدخل المحدود. ويعتبر هذا النص أكثر وضوحا من قانون الرعاية الصحية الأميركي الذي حارب أوباما من أجله الكونغرس طوال سنتين قبيل إقراره ولكن بتقليل التزامات الدولة.

في مجال حقوق المرأة يتضمن الدستور التونسي نصوصا أكثر تقدمية من الدستور الأميركي حيث يدعم إلى حماية حقوق المرأة ومساواتها وتأمين الفرص المتساوية بين النساء والرجال في حمل كافة المسؤوليات في كل القطاعات. كما يتضمن الدستور التونسي العمل على تحقيق التوازن بين أعداد الرجال والنساء في المؤسسات والمجالس المنتخبة وإزالة كافة اشكال العنف ضد المرأة وهو ما يتجاوز الدستور الأميركي.

في مجال حماية حقوق العمال يحصل العمال التونسيين على حقوق دستورية أعلى من تلك التي يحصل عليها العمال الأميركيون. يتضمن الدستور التونسي حق العمال في تنظيم النقابات وحق الإضراب وأن يحصل كافة العمال رجالا ونساء على ظروف العمل المناسبة والأجور الملائمة بشكل متساو.

في مجال حماية البيئة يعتبر الدستور التونسي ثالث دستور في العالم يحدد مسؤولية الدولة تجاه المساهمة في التصدي لتغير المناخ وتلوث البيئة ويضع حماية البيئة وحق المواطن التونسي في بيئة نظيفة جزءا رئيسيا في الديباجة وهذا يعتبر مرحلة متقدمة تماما عن الدستور الأميركي الذي لا يتضمن حماية البيئة كما أن المواقف السياسية الأميركية ترفض حتى الاعتراف بالمسؤولية العالمية في التصدي لتغير المناخ.

الدستور التونسي قصة نجاح هائلة لجميع من شارك فيها وخاصة حزب النهضة الإسلامي الذي نتمنى أن يصبح نموذجا يحتذى من قبل الأحزاب الاسلامية الأخرى في المنطقة، وخاصة لدينا في الأردن.


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news