الصفقة المذهلة في اقتصاد الثرثرة
باتر محمد علي وردم
جو 24 : بنيت الاقتصادات الكبرى في العالم على قطاعات الزراعة ومن ثم الصناعة وبعدها اقتصاد المعلومات، وأحشى أننا الآن قد دخلنا في عصر جديد منبثق عن المعلومات وهو اقتصاد الثرثرة والذي يتعلق بكيفية جني الأرباح وبناء أمبراطوريات مالية وتدفقات نقدية هائلة لا تعتمد سوى على الثرثرة الكتابية والمحادثات. لا أريد المبالغة وأعرف أن هنالك الكثير من الاستخدامات المفيدة لبرنامج الواتس آب في الهواتف الذكية ولكنها صدمة اقتصادية وأخلاقية حقيقية أن يتم بيع هذه الشركة بقيمة 19 مليار دولار وأن تشتريها شركة أخرى تعتمد تماما على الكلام والحوار وهي فيسبوك.
من الواضح أن المبادرات الاقتصادية الذكية تبنى على الاحتياجات الإنسانية الرئيسة، وبعد قرون من تجارة أقدم مهنة في التاريخ وتجارة الغذاء والملابس والمساكن وغيرها من الاحتياجات يأتي اليوم دور استثمار احتياج آخر وهو الحديث. عدد المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي أصبح كبيرا جدا وبالمليارات ولكن كل هذه الشبكات لا بنيى على اية مواد أولية أو أصول مادية ولكن شبكات من الاتصال وعدد لا يحصى من الحديث والتعليقات التي قد يكون 10% منها مفيدا ومعرفيا ولكن البقية لا تتجاوز الثرثرة.
عدد المشتركين في تطبيق واتس آب في العالم يصل إلى 500 مليون شخص ولكن القيمة الحقيقية لهذا التطبيق أكبر من عدد المستخدمين لأنها تعني سوقا من 500 مليون شخص قابلة للوصول إليها عن طريق فيسبوك. إذا تمكنت فيسبوك من استخدام شبكة واتس آب للدعايات والإعلانات التي تشكل المصدر الرئيسي لقيمة الفيسبوك فهذا يعني فتح أسواق بالمليارات وهو استثمار يستحق وضع 19 مليار دولار فيه اي أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لحوالي ثلثي دول العالم.
سيكثر الحديث عن نظريات المؤامرة ومون أن مؤسس الفيسبوك يهودي وغير ذلك من التفسيرات التي تنتشر في منطقتنا ولكن هذه الصفقة في حال وجود تحليل اقتصادي-اجتماعي متين لها قد تشكل بداية تحول جذري في مستقبل الخدمات الاتصالية في العالم وهذا ما قد يمنح ايضا فرصة لبعض المغامرين المبدعين في الدول النامية للتفكير بمبادرات جديدة يمكن أن تحقق نجاحا. المشكلة هي أن مثل هذه الصفقات لا تسهم بدعم التنمية في المجتمعات ولا تمكين الاقتصادات الوطنية بقدر ما هي عملية نقل لأموال هائلة ما بين الأفراد. إنها مثل غسيل الأموال ولكن بشكل شرعي وبناء على استثمار ذكي للرغبات الأساسية عند الإنسان وأهمها الكلام من أجل التسلية.
عندما يتم نشر هذا المقال عبر الفيسبوك يكون السيد مارك زوكربيرج وشركاؤه قد حصلوا على بضعة سنتات إضافية. مبروك عليهم!!
(الدستور)
من الواضح أن المبادرات الاقتصادية الذكية تبنى على الاحتياجات الإنسانية الرئيسة، وبعد قرون من تجارة أقدم مهنة في التاريخ وتجارة الغذاء والملابس والمساكن وغيرها من الاحتياجات يأتي اليوم دور استثمار احتياج آخر وهو الحديث. عدد المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي أصبح كبيرا جدا وبالمليارات ولكن كل هذه الشبكات لا بنيى على اية مواد أولية أو أصول مادية ولكن شبكات من الاتصال وعدد لا يحصى من الحديث والتعليقات التي قد يكون 10% منها مفيدا ومعرفيا ولكن البقية لا تتجاوز الثرثرة.
عدد المشتركين في تطبيق واتس آب في العالم يصل إلى 500 مليون شخص ولكن القيمة الحقيقية لهذا التطبيق أكبر من عدد المستخدمين لأنها تعني سوقا من 500 مليون شخص قابلة للوصول إليها عن طريق فيسبوك. إذا تمكنت فيسبوك من استخدام شبكة واتس آب للدعايات والإعلانات التي تشكل المصدر الرئيسي لقيمة الفيسبوك فهذا يعني فتح أسواق بالمليارات وهو استثمار يستحق وضع 19 مليار دولار فيه اي أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لحوالي ثلثي دول العالم.
سيكثر الحديث عن نظريات المؤامرة ومون أن مؤسس الفيسبوك يهودي وغير ذلك من التفسيرات التي تنتشر في منطقتنا ولكن هذه الصفقة في حال وجود تحليل اقتصادي-اجتماعي متين لها قد تشكل بداية تحول جذري في مستقبل الخدمات الاتصالية في العالم وهذا ما قد يمنح ايضا فرصة لبعض المغامرين المبدعين في الدول النامية للتفكير بمبادرات جديدة يمكن أن تحقق نجاحا. المشكلة هي أن مثل هذه الصفقات لا تسهم بدعم التنمية في المجتمعات ولا تمكين الاقتصادات الوطنية بقدر ما هي عملية نقل لأموال هائلة ما بين الأفراد. إنها مثل غسيل الأموال ولكن بشكل شرعي وبناء على استثمار ذكي للرغبات الأساسية عند الإنسان وأهمها الكلام من أجل التسلية.
عندما يتم نشر هذا المقال عبر الفيسبوك يكون السيد مارك زوكربيرج وشركاؤه قد حصلوا على بضعة سنتات إضافية. مبروك عليهم!!
(الدستور)