من يريد إعادة إحياء الحراك الشعبي؟
باتر محمد علي وردم
جو 24 : خلال الأشهر الستة الماضية، توصلت بعض العقول الإستراتيجية في التيار المحافظ في الدولة إلى استنتاج شمولي: لقد تمكن الأردن من “النجاة” من الربيع العربي. توقفت المظاهرات الأسبوعية والمسيرات اليومية والتوتر السياسي الشديد الذي ظهر في الساحة الداخلية منذ نهاية العام 2010 وتراجع زخم الحراك الشعبي بشكل كبير. طبعا، حسب المنهجية العلمية في التفكير هنالك افتراضات ينبغي وضعها لتفسير هذه الظاهرة ولدى هذه الفئة من العقول الاستراتيجية كان التفسير هو أن الدولة نجحت في الاستجابة لنسبة كبيرة من مطالب الحراك وبالتالي أدى ذلك إلى تهدئة الظروف.
حسب المنهجية العلمية الراسخة منذ ايام أرسطو والتي عززها ديكارت، فإن كل استنتاج وتفسير لظاهرة في المحيط الخارجي ينبغي أن ترتبط بتوصيات وتغيرات في القرار والمسار. في بلدنا لسنا بحاجة إلى منهجية علمية لأن الخبرة والفهلوة كفيلة بالوصول إلى بر الأمان، وإذا كان الحراك الشعبي قد توقف فلا حاجة للمزيد من التطورات في الإصلاح السياسي ولا لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية إلا ورقيا، ولكن يمكن الآن العودة السريعة إلى الممارسات القديمة إياها والتي تتمثل في الهجوم المستمر على موارد الدولة لتحقيق مكاسب شخصية والإثراء طالما أن مستوى الرقابة والغضب الشعبي قد خف.
ربما تكون الإصلاحات النسبية التي تمت في الأردن قد ساهمت في تخفيف حدة الغضب الشعبي والحراك، ولكن الاسباب الرئيسية تكمن في أن مستوى الوعي العام لدى النشطاء السياسيين الأردنيين كان أكثر ارتفاعا مما توقعه التيار المحافظ. مجرد نظرة واحدة إلى ما يجري في سوريا ومصر واليمن والبحرين وليبيا وغيرها تجعل اي شخص يفكر ألف مرة قبل التصعيد في المطالب السياسية في الأردن. المعادلة تحتاج لطرفين وتم الوصول إلى مرحلة توازن في ظرف حساس ووقت مناسب جدا بحيث لم تتشكل الكتلة الحرجة التي كان يمكن لها أن تؤثر على الاستقرار السياسي في الأردن.
أهم ما خرجنا به من مرحلة 2011-2013 بعكس معظم الدول العربية الأخرى أننا بقينا محتفظين بالأمل في الإصلاح السياسي الحقيقي. مصدر هذا الأمل كان افتراض ان التيار المحافظ والمتنفذ قد تمكن من إدراك تفاصيل نمو وتراجع الحراك الشعبي خاصة الأسباب الرئيسية الكامنة وراءه والتي تمثلت اساسا في الشعور العام بالاستفزاز من ممارسات نهب الموارد العامة من قبل فئة واسعة من المتنفذين. المنطق في هذه الحالات، في حال تم الاستعانة به يشير بأنه من الضروري تغيير السياسات التي أدت إلى ظهور الحراك الشعبي وخاصة الفساد والتلاعب بالموارد ولكن هذا للأسف لم يحدث. تم كشف صفقة الإسكان التي تمت بدون معرفة الإدارة العليا لأهم مؤسسة تتعامل مع احتياطي المستقبل الاقتصادي للأردنيين وتم الكشف عن اعتداءات المتنفذين على الأراضي والمياه العامة وعلى بيوعات للأراضي العامة بأقل من اسعارها الحقيقية.
لمصلحة من استفزاز الناس من جديد؟ الحكمة في الإدارة تتطلب الآن تشديد الرقابة على سوء الإدارة العامة ومنع الاستهانة بالمال العام وليس العودة إلى السلوكيات السابقة. مصلحة كل شخص يريد لهذا البلد الاستقرار هي في الوقوف ضد هذه الممارسات ليس فقط لأسباب أخلاقية أو حماية للمال العام ولكن ايضا حرصا على الأمن الوطني وخوفا من أن يؤدي التمادي في الاستفزاز إلى إعادة الحراك الشعبي وهذه المرة المخاطرة بالوصول إلى الكتلة الحرجة من العدد والمطالبات التي من شأنها تهديد الاستقرار العام في البلاد.
batirw@yahoo.com
(الدستور)
حسب المنهجية العلمية الراسخة منذ ايام أرسطو والتي عززها ديكارت، فإن كل استنتاج وتفسير لظاهرة في المحيط الخارجي ينبغي أن ترتبط بتوصيات وتغيرات في القرار والمسار. في بلدنا لسنا بحاجة إلى منهجية علمية لأن الخبرة والفهلوة كفيلة بالوصول إلى بر الأمان، وإذا كان الحراك الشعبي قد توقف فلا حاجة للمزيد من التطورات في الإصلاح السياسي ولا لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية إلا ورقيا، ولكن يمكن الآن العودة السريعة إلى الممارسات القديمة إياها والتي تتمثل في الهجوم المستمر على موارد الدولة لتحقيق مكاسب شخصية والإثراء طالما أن مستوى الرقابة والغضب الشعبي قد خف.
ربما تكون الإصلاحات النسبية التي تمت في الأردن قد ساهمت في تخفيف حدة الغضب الشعبي والحراك، ولكن الاسباب الرئيسية تكمن في أن مستوى الوعي العام لدى النشطاء السياسيين الأردنيين كان أكثر ارتفاعا مما توقعه التيار المحافظ. مجرد نظرة واحدة إلى ما يجري في سوريا ومصر واليمن والبحرين وليبيا وغيرها تجعل اي شخص يفكر ألف مرة قبل التصعيد في المطالب السياسية في الأردن. المعادلة تحتاج لطرفين وتم الوصول إلى مرحلة توازن في ظرف حساس ووقت مناسب جدا بحيث لم تتشكل الكتلة الحرجة التي كان يمكن لها أن تؤثر على الاستقرار السياسي في الأردن.
أهم ما خرجنا به من مرحلة 2011-2013 بعكس معظم الدول العربية الأخرى أننا بقينا محتفظين بالأمل في الإصلاح السياسي الحقيقي. مصدر هذا الأمل كان افتراض ان التيار المحافظ والمتنفذ قد تمكن من إدراك تفاصيل نمو وتراجع الحراك الشعبي خاصة الأسباب الرئيسية الكامنة وراءه والتي تمثلت اساسا في الشعور العام بالاستفزاز من ممارسات نهب الموارد العامة من قبل فئة واسعة من المتنفذين. المنطق في هذه الحالات، في حال تم الاستعانة به يشير بأنه من الضروري تغيير السياسات التي أدت إلى ظهور الحراك الشعبي وخاصة الفساد والتلاعب بالموارد ولكن هذا للأسف لم يحدث. تم كشف صفقة الإسكان التي تمت بدون معرفة الإدارة العليا لأهم مؤسسة تتعامل مع احتياطي المستقبل الاقتصادي للأردنيين وتم الكشف عن اعتداءات المتنفذين على الأراضي والمياه العامة وعلى بيوعات للأراضي العامة بأقل من اسعارها الحقيقية.
لمصلحة من استفزاز الناس من جديد؟ الحكمة في الإدارة تتطلب الآن تشديد الرقابة على سوء الإدارة العامة ومنع الاستهانة بالمال العام وليس العودة إلى السلوكيات السابقة. مصلحة كل شخص يريد لهذا البلد الاستقرار هي في الوقوف ضد هذه الممارسات ليس فقط لأسباب أخلاقية أو حماية للمال العام ولكن ايضا حرصا على الأمن الوطني وخوفا من أن يؤدي التمادي في الاستفزاز إلى إعادة الحراك الشعبي وهذه المرة المخاطرة بالوصول إلى الكتلة الحرجة من العدد والمطالبات التي من شأنها تهديد الاستقرار العام في البلاد.
batirw@yahoo.com
(الدستور)