jo24_banner
jo24_banner

في مواجهة عصابات التحطيب

باتر محمد علي وردم
جو 24 : في سياق سياسة الأمن الناعم وتواصل التعدي على موارد الدولة منذ عدة سنوات تتعرض الغابات المعمرة والطبيعية في محافظات الشمال وخاصة عجلون وجرش إلى حملة شرسة من تحطيب الأشجار تقودها “عصابات” منظمة لا تتوانى عن استخدام العنف والتهديد لمنع الطوافين من إيقافهم.

من يقوم بقطع الأشجار ليسوا مواطنين يبحثون عن حطب للتدفئة في ظل ارتفاع اسعار المشتقات النفطية (مع أن هنالك نسبة قد تكون كذلك) ولكنهم على الأغلب مجموعات منظمة تتمتع بأغلى وأحدث الأجهزة اللازمة للتحطيب وباقل قدر ممكن من الصوت وتقوم بعملها في الليل. تقود هذه المجموعات شخصيات متنفذة وفي واحدة من الحالات تم نقل مدير الحراج السابق في وزارة الزراعة الذي كان حارسا أمينا للغابات بسبب مصادرته لأجهزة تحطيب كان يستخدمها قريب من الدرجة الأولى لأحد النواب الحاليين في غابات جرش.

الزميل العزيز رمزي الغزوي ومجموعة من النشطاء من محبي الغابات والطبيعة في الأردن والذين ينحدرون من عجلون وجرش أو محافظات ومدن أردنية أخرى يحاولون التصدي لهذه الممارسات بكل الوسائل المتاحة من التنظيم والتوعية والنشاط الاجتماعي. يوم السبت سيشهد انطلاقة لحملة وطنية شجاعة لإيقاف التحطيب وتقديم المسؤولين عنه للمساءلة القانونية وحماية الإرث الطبيعي للأردن في غابات الشمال والتي قد تتردى وتنقرض في حال استمر التجاهل الرسمي والشعبي لهذه الممارسات.

هنالك جهد طيب يبذل من قبل الطوافين ووزارة الزراعة وبعض الجهات المدنية ولكن الإمكانيات المتاحة قليلة جدا إضافة إلى أن هنالك تهديدا حقيقيا يقع على حياة الطوافين بسبب استقواء هذه العصابات على القانون وعدم التردد في استخدام العنف ضد الطوافين واي مواطن قد يتجرأ على مقاومتهم. إنها عملية تجاوز على القانون والأمن والأخلاق لا يمكن الاستمرار في السكوت عليها. بنفس الروح الإيجابية التي يتم فيها حاليا منع التعدي على موارد المياه في الأردن يجب أن يمتد الجهد الأمني-السياسي المشكور ليصل إلى عصابات التحطيب.

ما يثير القلق في هذه الظاهرة شعور الجميع بعدم وجود جدية في التعامل الأمني معها، حيث يتم ضبط المخالفين وتحرير الشكاوى بحقهم ولكن بدون تنفيذ للعقوبات وبالتالي تستمر الاعتداءات مع تزايد ثقة وشعور المعتدين بقدرتهم على تجاوز القانون. حجم الاعتداءات الذي يحدث حاليا يشير ايضا بأن ما يحدث ليس عملية “تلبية طلب” للسوق المحلي سواء تدفئة الفقراء البسيطة أو رفاهية الأغنياء ولكن قد يصل الأمر إلى مستوى “التصدير” غير النظامي للحطب والفحم خارج الأردن.

نحن بحاجة إلى هبة شعبية من كل الحريصين على طبيعة الأردن وعلى حق الغابات في البقاء وحق الأردنيين في التمتع بمزايا وخدمات الأشجار في مواقع تواجدها الطبيعية لأن التصدي للعصابات التي تقوم بممارسات التحطيب ليس فقط مسؤولية رسمية لا يتم القيام بها بالشكل الصارم بل وهي مسؤولية شعبية ايضا.
batirw@yahoo.com


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news