2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

"لا تعارضي"

نائل العدوان
جو 24 :

قبل يومين فقط .. أدرك "أبو مرزوق" وبدون قصد أنه غير معارض البته وانه يعشق "التوافقية" ،وان دماءه تجري بزمرة "اللامعارضة البحته" وانه "منتمي" حتى النخاع، وبقليل من الدهاء خلص بأن "نفي النفي هو الصواب".
فرحا كان بهذه النظرية التي توصل اليها بعد المشاركة باكثر من مئة اعتصام ومسيرة مضادة تعددت اغراضها ونواياها: انقاذ ، انعاش ، عودة ، تصميم ، تأبين ، تدشين ....
اخرج كراس صغير من جيبه العلوي ، ثم سجل على صفحة فارغة حراكه لهذا اليوم:

الساعة التاسعة صباحا : المشاركة في مسيرة مناهضة لمسيرة "ضد الغلاء وقلة الكلاء" ،
الساعة الحادية عشر: وقفة احتجاجية مناؤه لاحتجاج الصحفيين على تكميم الافواه....
الساعة الواحدة: تخريب اعتصام طلاب الجامعات لاسقاط اتفاقية وادي عربة
الساعة الخامسة: القاء خطبة عصماء ضد "مضربي شركة الفوسفات"
الساعة السابعة : قيادة مسيرة ضد مشجعي فريق "ريال مدريد"

بعد خروجه من بيته مباشرة ، انطلق الى دوار الداخلية ، انصهر في قلب حشود المعتصمين الذين هتفوا : بلا لغلاء المعيشة والاسعار، وكان يردد هو :نعم ، كان ذلك يشعره بسعادة غامرة منقطعة النظير، متعة ان تكون "معارضا لمن يعارض".
استمر الاعتصام لما يقارب الساعتين ثم عرج بعدها الى خيمة الصحفيين في شارع الصحافة ، كان يرقبهم عن كثب وهم يعزون بعضهم بموت كائن وهمي اسموه "الحرية" وانقضاء عهد السقوف المرتفعة .
- لو يعرفون كيف كانت حريتنا بالماضي ..... كنا نخشى ان يضبطنا الاستاذ في الصف متلبسين بكتابة كلمة على اللوح الفارغ او تدخين "سبروسة" ... يريدون الان "حرية" في زمن قل به الادب ...

حدث ابو مرزوق نفسه ممتعضا ومغادرا الخيمة.

كان الطريق لحراكه الثالث مزدحما على غير العادة ، انتظر "ابو مرزوق" لما يقارب الساعة قبل ان يصل لمبتغاه ، لعن الاعتصامات بسره، ثم ركن "بكبه الدبل كمين" على ناصية الشارع مترجلا يقصد مكان تجمهر الطلاب .
عج المكان بطلبة من مختلف الجامعات الذين رفعوا شعارات قرائها ابو مرزوق بتندر واستخفاف :
"اصلاح النظام غاية لا بد من تحقيقها "
"الفساد والمفسدين شوكة ضد بناء الوطن"
"البلطجة المنظمة" وغياب الحكمة هي سبب تراجع الامم "
احس بغضب شديد عند قراءه العبارة الاخيرة ، اكمل القراءاه على مهل :
"تسقط اتفاقية وادي عربة"
حاول تذكر مغزى هذه الاتفاقية او وقت حدوثها لكنه لم يفلح بذلك .
-"لربما انها اتفاقية "سايكس بيكو نفسها"
كان حنقه يزيد كلما تابع القراءه...
مالذي يريده هؤلاء الصبية من هذا الوطن ؟ انقاذ ..وانقذوه ، فماذا بقي بعد؟

انتهز فرصة اصطدام احد االمعتصمين به عن غير قصد ليوجه له لكمة في خاصرته ، تجمهر الناس حولهما وفرقوا "ابو مرزوق" عن الشاب الضعيف ، لكن ابو مرزوق انقض عليه كثور جامح ، كان يشعر بفورة غضب عارمة منعته من التوقف عن الركل والرفش لاكثر من ساعة.

عندما انفضت المشكلة كان يشعر بهيبة لم يعهدها من قبل ، احس بقامته تعلو لتطاول البناء المقابل له ، نظر لضحيتة ، كان شابا في منتصف العشرينيات ، لم يسعفة غضبة حتى النظر في وجه غريمة ، اقترب قليلا منه ، بقع الدم غطت قميصة ومنتصف جسده، كان يقعى على الطريق العام مسجيا كمن دهسته حافلة.
لم يدري ابو مرزوق لما انتفض قلبه لمرأى الشاب مرميا بلا نفس ولا معين .
تفحص ابو مرزوق الجثة امامه ، لم تبدو غريبة عنه ...اقترب منها ، امسك راس االشاب المغشي عليه ،....فتح عينيه على اتساعهما ..
لقد كان ابنه "رزق" بشحمة ولحمة ..

جزع ، احس بقلبة قد انتزع من محلة وان الدنيا انفجرت في وجهه.... اسند راس "رزق" على صدره ، محتفيا بنظرية لم يكتب لها النجاح.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير