مقالتان تبددان المحظور
أشارت مقالتان للدكتور رحيل الغرايبة أن ثمة خلافات محتدمة في صف جماعة الاخوان المسلمين في الاردن .. حيث كانت هذه الخلافات يعبر عنها في السابق في أوساط قيادات الصف الأول والثاني مع الحرص على عدم الاعلان عنها للملأ.. لكن الدكتور الغرايبة وكما يبدو اضطر للافصاح عنها مكرها تحت تاثير ضغوط الممارسات التي تكفل بها تيار القيادات التي من اصل فلسطيني «الصقور» .. والخلاف القديم الجديد على تحديد الأولوية في سلم الأولويات على أجندة العمل السياسي للجماعة هو بمثابة الصاعق الذي فجر الأزمة الاخوانية .
فالصقور اعتبروا العمل أو حتى الجهاد من أجل القضية الفلسطينية هو الأولوية باعتبار انها قضية العرب الاولى والقضية المركزية في العمل العربي المشترك ! ..
تدعمهم في هذا التوجه حركة حماس التي عادت الى نشاطها على الساحة الأردنية ..
أما تيار الحمائم (( الشرق أردنيون )) فقد اعتبرو النضال الوطني من أجل تحقيق الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، ومن اجل التحول الديمقراطي واطلاق الحريات العامة في الاردن، هو الأولوية وذلك باعتبار الجماعة قد أسست حزب جبهة العمل الاسلامي توافقا مع الميثاق الوطني الأردني ، وللعمل داخل الاردن ومن اجل القضايا الاردنية .. أما القضية الفلسطينية وبعد قرار فك الارتباط القانوني والاداري مع الضفة الغربية فقد باتت تمثلها مباشرة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .. والدول العربية بل فلنقل الأمة العربية تدعم النضال الوطني الفلسطيني وتقدم مختلف أشكال الدعم والمساندة والمناصرة لمنظمة التحرير ..
وثمة خلافات أخرى عجلت في الافصاح عن نفسها بين تياري الصقور والحمائم .. من أبرزها إقدام قادة تيار الصقور على الحوار مع ممثلي الحكومة حول قانون الانتخاب وباعتبار أن هذا التوجه قد يفضي الى عقد صفقة حول عدد مقاعد الجماعة في مجلس النواب .. علما بأن تيار الصقور كان الأكثر تشددا ضد قانون الصوت الواحد وضد ما تسرب من تعديل عليه ..
القراءة الأولية لطبيعة الخلافات الناشبة في صف الجماعة ، وللحرص الشديد من التيارين الصقور والحمائم على الحفاظ على وحدة الصف فانه من المستبعد على المدى القريب حدوث انشقاق أو ما يوحي بالانشقاق في صف الجماعة المتماسك بل والمشهود له بقوة تماسكه ..
لكن اذا ما احتدمت الخلافات بين التيارين تحت تأثير عملية الشد والتجاذب حول المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها ..
وكذلك تحت تأثير ما يهب على الساحة الأردنية من رياح الربيع العربي ، فانه سيكون عندئذ لكل حادث حديث ..
ليس من مصلحة الاردن او مصلحة الحركة الوطنية الأردنية حدوث اي انشقاق في صف جماعة الاخوان المسلمين أو في صفوف غيرهم من الأحزاب والقوى السياسية .. فان زيادة الأحزاب ذات الايديولوجيا الواحدة وذات الاتجاهات السياسية الواحدة تحدث زحاما غير مبرر ..
لكن اذا ما تصاعد الخلاف بين صقور وحمائم الجماعة حول الاولويات واحتدم أكثر فأكثر ، فان المشهد الاخواني قد يتعرض لانشقاق مدو يصعب تطويقه .. ذلك أن هكذا خلاف اذا لم تتم مراجعته لجهة معالجته وتصويبه على أساس صريح وواضح يضع الهم الأردني والقضايا الأردنية على رأس سلم الأولويات الوطنية والقومية والأممية ، فان وحدة الصف الاخواني تكون معرضة للتآكل والضعف ثم الانقسام .
(الرأي)