" الرجوب " إذ يسجل في مرماه !
إذا كان السجن و الإعتقال معيارا وحيدا لنقاء السياسييين و شهادة حسن سلوك و يسبغ عليهم القدسية فليس من حق أحد أن يزاود او ان ينقد أو يشكك برئيس الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم " جبريل الرجوب " الذي قضى زمنا طويلا من العمر في سجون الإحتلال .
الحقيقة أن معظم أعضاء السلطة الوطنية الفلسطينية هم ممن أعتقلوا و لوحقوا و جرحوا في مواجهات مع الإحتلال ذات زمن , قبل أن يصيروا هم من يعتقل و يلاحق و يجرح شعبه ! , فهل نسبغ عليهم قدسية الماضي و نمتنع عن نقد توجهاتهم و سلوكهم السياسي اليوم ؟!
يتم تداول إسم " جبريل الرجوب " في الأردن و فلسطين بكثرة هذه الأيام في سياقات لا تسعده و لا تشرفه . فلقد عبر عن عدم إستحقاقه لأي منصب دبلوماسي أو رسمي رفيع , إذا افترضنا أن لدى السلطة إياها مناصب رفيعة , حينما إستفرغ في ايام قليلة تصريحات غير لائقة بحق المنتخب الوطني الاردني لكرة القدم المشارك مع توأمه الفلسطيني في ذات المجموعة ببطولة كأس آسيا المقامة حاليا في استراليا .
في المرة الأولى لم يخجل جبريل أن يعلن بشكل فج عن عدم رغبة الإتحاد الفلسطيني بالتصويت للأمير علي في إنتخابات رئاسة الإتحاد الدولي للكرة , عدم التصويت للأمير حق لا غبارعليه , لكن كان واجبا على الرجوب ان يقول رأيه بشكل دبلوماسي يراعي خصوصية العلاقة بين الاتحادين و الشعبين الاردني و الفلسطيني سيما ان الكرة الفلسطينية إستفادت من الدعم الاردني المتنوع . في المرة الثانية بلغت " الجرأة " بالرجوب أن يتهم المدير الفني للمنتخب الاردني بأنه ثمل لمجرد ان المدير الفني استبعد تأهل المنتخب الفلسطيني للمرحلة التالية من المنافسات , وهذا ما تأكد فعلا بعد خسارتين متتاليتين للمنتخب الفلسطيني الشقيق !
و في موقف أخر , إقتنصته قناة رياضية , يظهر الرجوب متحدثا مع لاعب عراقي يتمنى خلاله أن يهزم المنتخب العراقي المنتخب الفلسطيني كي يتأهل العراق على حساب الاردن !
صحيح أن ما جمعه الدم و الخبز و العرق بين شعبين شقيقيين لن تفرقه كرة قدم و لا تصريحات تافهة من الرجوب أو غيره لكن مع ذلك يجب أن يقال كلام شديد الوضوح لحركة فتح برمتها لا " للرجوب " وحده .
أولا , لدينا في الأردن ملاحظات كثيرة على إتحاد كرة القدم الأردني و على أحقية شغل بعض المواقع لبعض من فيه . لكن ذلك لا يعني ان نكره منتخبنا و الا ننحاز له لأنه , ببساطة , يحمل اسم بلدنا .
ثانيا , من السخف الإعتقاد لوهلة أن يكون أي عربي أقرب للفلسطيني من الأردني . و هذا ثابت تاريخي راسخ لا جدال فيه . و رغم هذا الثابت إلا اننا كوطنيين اردنيين نتمسك , بقدر تمسك فتح ذاتها , بعدم التدخل بالضفة الغربية , و تعرضنا لحملات تخوين و تشكيكيك لتمسكنا بقوننة فك الارتباط الاداري , لا الاخلاقي , مع الضفة الغربية . و لطالما قلنا بضرورة إتخاذ إجراءات ميدانية عاجلة تسهم في تثبيت حق الفلسطينيين بوطنهم و ارضهم و عدم تفريغها تحت شعارات قومية مضللة . و برغم وضوح النعره الفلسطينية لدى " جبريل الرجوب " و حركة " فتح " برمتها فأنه من الغريب حقا أن يُعتبر التمسك بالهوية الوطنية الاردنية و الدفاع عن مصالح شعبنا ضربا من " الاقليمية " و " الانزواء " و تصبح " الوطنية الفلسطينية " بطولة فيما " الوطنية الاردنية " دليل " عنصرية " و عقلية رجعية تتمسك بمخرجات " سايكس – بيكو " !
ثالثا , تعلن السلطة الوطنية الفلسطينية , التي يحمل أعضائها الجنسية الأردنية و منهم " الرجوب "على ما اظن ! , بوضوح أنها مع خيار مخرجات " اوسلو" التي هي اسوأ من مخرجات " سايكس – بيكو " من حيث انها جزأت فلسطين ذاتها . في حين ان الوطنية الاردنية لا تجروء على القبول بمناقشة فكرة ان فلسطين ليست من البحر الى النهر !
رابعا , تتشابه الحالة الرسمية الاردنية مع حالة السلطة الوطنية الفلسطينية في بؤس نماذج القيادات , فجبريل الرجوب مثلا بلا مؤهل أكاديمي و قد ثبت انه بلا مؤهل سياسي و بلا كاريزما فوق ذلك . و من الغريب ان إعادة التدوير التي تحدث في مراكز السلطة تشبه الحالة الاردنية , فكيف يتولى شخص قيادة منصب أمني حساس قبل سنوات , يخدم فيه الإحتلال و ينكل بشعبه و يكرس منصبة لغايات تنظيم حزبي فقط , و إذ به رئيسا لإتحاد كرة قدم؟! , الا اذا كان كلا المنصبين " مشاقطه " !
خامسا , نريد ان نسأل , بهذه المناسبة و غيرها , الجهات المختصة في الاردن عن تراخيها الدائم و طربها البادي لكل من يتواقح على الاردنيين و بلدهم و عن واجباتها بردع هؤلاء سيما ان بعضهم يجلس في احضاننا و ينتف لحانا !
سادسا , برغم ضرورة الرد على " جبريل " و من يشبهونه , و ما اكثرهم , فإنه من العار ان تنجرف الردود و التعليقات للردح و لخدش جذرية و صميمية العلاقة الاردنية – الفلسطينية . فالرجوب يمثل نفسه و فصيل لطالما عانى من أمراض نفسية دفعته للأسأة للاردنيين قولا و عملا , لكنهم حتما لا يمثلون شعبا أثقله الإحتلال و خيب ظنه العالم و عانى ظلم ذوي القربى . و مثلما تحظى تصريحات و تصرفات " جبريل " و فصيله بالإستكار و الإستهجان في الاردن فإنها تحظى بأكثر من ذلك في الجانب الشعبي الفلسطيني .
صحيح !
حتى على المستوى الرياضي كنا نحتار , يا "جبريل " , هل نبتهج أم نعبس حينما يفوز المنتخب الاردني على نظيره الفلسطيني !