ذهب هرقل .. الحكومة بريئة !
أصنف نفسي في قائمة عدم المبالين بموضوع " ذهب هرقل " الذي يقال أن جهات متنفذة في البلد قد قامت بعملية إنزال و سطت عليه و أعتبرته حقا شخصيا لها .
عندي قائمة من الأسباب تحرضني على عدم الإكتراث بهذا الخصوص , فمقدرات الاردن و الاردنيين المنهوبة لا تقل أهمية و قيمة مما نهب من ذهب هرقل في عجلون مؤخرا . هذا فضلا عن أن القصة برمتها لا تستند الى دليل حاسم , برغم ان هناك مؤشرات تبدو منطقية و قابلة للتصديق برغم عدم قطعيتها .
إحتمال وجود كنوز بكميات كبيرة في أرض الاردن إحتمال قائم بالنظر للحضارات التي مرت على أرضنا , مع انه لا يروق لكثيرين فكرة ان الاردن ارض حضارات ! , لكن الكنز الحقيقي لبضع عشرات من كبار اللصوص كان دوما فوق الارض لا تحتها !
إذا قدر لنا عقد مؤتمر وطني بحضور مختصين بالمحاسبة سنكتشف فحش الأرقام الفلكية من إيرادات الضرائب و الرسوم و التهرب الضريبي لفئة محد]ة فضلا عن الموارد الطبيعية التي نهبت بغير حق و تبخر المساعدات الدولية و بيع مؤسسات وطنية ناجحة بحال " البلاش " لتترد عوائدها الى اشخاص معينين .
" بلاش " !
ما هي الجهة المختصة التي بإمكاني مراجعتها لإلغاء إشتراك الهاتف الارضي و إسترداد قيمة التأمين الذي دفعته قبل بيع شركة الإتصالات الوطنية ؟! إحسبوا حاصل قيمة ذاك التأمين بعدد المشتركين لتكتشفوا قيمة الخيبة التي لا يسأل عنها احد و لمن ذهبت !
" طيب " دعكم من تضارب " قيل " الناطق الرسمي باسم الحكومة بخصوص الإنهيارات الجبلية و من " قال " وزير العمل بخصوص عملية امنية في منطقة الذهب المزعوم , الأهم من ذلك كله أن النقاش الوطني اليوم لا يعترف بكل مبررات الحكومة التي لن يصدقها أحد حتى لو أقسمت على كتاب الله بكامل هيئة الوازرة !
من الواضح أن الثقة بين الشعب و الحكومة مفقودة تماما , و مرد ذلك يعود لعدم وجود أي انجاز لكل حكومات حقبة الفساد المنظم , فلا هي قدمت مشتبها به لمحاكمات جدية برغم كل هذا الفساد, و لا هي رممت مدرسة , و لا زودت مستشفا بما يلزli , و لا عبدت شارعا , و لا حلت مشاكل المياه و الطاقة , و لا وضعت حدا لزعران يتكاثرون ويعيثون بمجتمعنا فسادا .
يميل كثيرون للإعتقاد ان ثمة كنوز وجدت في عجلون لكن قد لا تكون بالحجم الذي يتحدث عنه الناس . و لو ان كنوزا اخرى و جدت سابقا و تم السطو عليها في غير مكان و زمان و قد تضاف لقائمة طويلة من " مفقودات" الشعب الاردني الذي قد ينعم الله عليه بحكومة تنهمك لإسترداد كل فلس سرق منه .
في ظل تردي أحوال الناس المعيشي الكل يريد حصته من ذهب هرقل المزعوم و غير المحسوم أمره . هذا يكشف مصيبة أكبر مما كنت اتوقعه شخصيا , الناس يريدون التفريط بالقيمة التاريخية لهذ الكنوز و بيعها بحسب قيمتها النقدية فقط من أجل حل بعض المشاكل المعيشية . فلا نكاد نسمع احدا يتحدث عن حق الدولة ممثلة بمتاحفها في الاحتفاظ بهذه الكنوز و الاثار و الإفادة منها لجذب السياح مثلا لصالح الخزينة العامة و لغايات تعزيز تاريخ الاردن !
بمعنى أن الناس يريدون ان يكونوا شركاء في السرقة لا أكثر !
عموما لا داع أن تجهد الحكومة نفسها بتقديم تفسيرات بخصوص ذهب هرقل , فهي ليست المتهم بالسرقة أصلا !
