jo24_banner
jo24_banner

إعدامات مفرحة !

ادهم غرايبة
جو 24 : أثارت حملة الإعدامات التي نفذت صباح اليوم في أحد سجون عمان فرحة لدى عامة الناس في الاردن. هناك إعتقاد سائد بين الناس أن تجميد العمل بأحكام الإعدام تعطي إنطباعات خاطئة من "الدولة" قد لا تردع الناس عن إرتكاب جرائم كبرى وتدعو، بشكل ضمني، لعدم التورع عن إرتكاب مجازر بالمعنى التام للكلمة.

قانون العقوبات برمته يحتاج لمراجعات حقيقة وعاجلة. فبعض العقوبات أصبحت تبدو وكأنها مكفآت!

كانت الجريمة في مجتمعنا الوادع "هجنه"، لا بل أن أحدى الصحف الأسبوعية القديمة كانت تسرد من نسج الخيال الواسع لطاقمها قصصا ما كنا نتخيل اننا سنعيشها هذه الايام.

كان المجتمع وادعا، مسالما، لأن الدولة كانت تقوم بواجبها الرعوي تجاه ابنائها في الحدود المعقولة، فتوفر لهم تعليما لائقا وخدمات صحية مميزة ودعما للسلع الأساسية ومراقبة صارمة للأسعار بحيث يكفي متوسط الدخل لحياة كريمة. فيرتد ذلك على السلوك العام ويجعل الناس أكثر سكينة وأقل عصبية ينجم عن ذلك "مشحانات" إجتماعية محدودة ومقبولة لا ينجم عنها ضحايا وتنتهي بصلح قد يقود لمصاهرة!.

بعد أن استولت "شلل الليبراليين الجدد" على مفاصل الدولة الاردنية وعربدت بمقدراتها، تراجع منسوب منظومة قيم المجتمع الاردني لحساب ملاحقة حزمة الأمان الاجتماعي التي كانت متوفرة بشكل بديهي. ولم يكن أحد يظن ان الحال المعيشي سينهار للحد الذي نشهده. فيما انتشرت قيم "الفهلوة" و "الشطارة" وتدبير الذات لتتحول بلدنا الى غابة! منذ اوائل ربيع العام 2006 لم ينفذ أي حكم إعدام، ترافق ذلك مع فوضى معيشية تحت مسوغات خادعة وشعارات ليبرالية وهمية بالأساس تقوم عمليا على معاداة التركيبة الاجتماعية وتتثاقل من المواطنين وتتعامل معهم كزبائن! من المفيد ان نذكر هنا سؤال عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص حين ولاه مصر: اذا جاءك سارق ماذا ستفعل به؟ قال: اقطع يده..فقال عمر: وان جاءنى جائع قطعت يدك!

هذا وذاك هو بالذات ما اوصل عدد المحكومين اليوم الى 86 شخصا لم يكتفوا بالقتل فحسب لا بل أنهم إرتكبوه بأشنع ما كانت تتخيله الصحيفة الاسبوعية إياها! تنفيذ أحكام الأعدام يبرد نفوس أهل القتيل، ويمتص سخطهم على دولتهم، ويمنع أية إنفعالات، وأعمال إنتقامية تضر المجتمع ويحيل أخذ "الثأر" للسلطات الرسمية بشكل قانوني. لهذا يجب أن تتواصل الحملة بحق كل من صدر بحقه حكما قطعيا بالإعدام ففي الغابة وحده يحق للحيوان القوي ان يقتل الحيوان الضعيف دون حساب ! . لكن هذا وحده لا يكفي ! فأولا ,هناك جرائم لا تصل عقوباتها لحد الإعدام و لا المؤبد و لا حتى اقل من ذلك بكثير من عقوبات مع أنها تشكل خطرا كبيرا على سلم المجتمع , و من الواجب مراجعة قانون العقوبات ليصبح رادعا فعلا . من هذه الجرائم سرقة السيارات , و السطو المسلح , اقتناء الاسلحة و حملها بشكل غير مبرر , و جرائم المخدرات . و ثانيا , لا بد من عدم الإستناد لقانون العقوبات كرادع وحيد للجرائم , هناك إجراءات وقائية لا بد منها و أساسها اجراء محاكمة اخلاقية و قانونية للنهج الاقتصادي السائد و الطارئ على بلدنا . فضلا عن فتح أفاق سياسية جديدة تخلص الحكم من عقلية تقديم الولاء على الكفاءات لأن " الولاءات " التي نشهدها تضر الحكم أساسا , و تشوه صورته , سيما اننا في ظل " ثورات " عربية من الواجب التمعن في اسبابها و مخرجاتها و حيثياتها حتى لو تم تشويهها منعا لأي حالة " عدوى " ! . في نهاية المطاف , كأردنيين , نريد اصلاحات جدية لا تضليل فيها , نريد اصلاحات وطنية خالصة هدفها ارضاء الاردنيين و انقاذ الاردن لنكون بحق حالة مختلفة عن محيطنا الملتهب لتنجوكل مكونات الدولة معا دون دم.

العلم عند الله و"الدائرة" أن التقرير اليومي الذي سيرفع لجلالة الملك سيذكر شيئا عن الإبتهاج الشعبي و ردة الفعل الإيجابية التي لقيها قرار الاستئناف بتطبيق الحكم بعقوبة الإعدام , و كيف أن هذا الأمر سيحسب لرصيد الحكم , فما بالكم لو نفذت حملة محاكمات لبضع عشرات من المجرمين الذي هددوا أمن المجتمع برمته و ارتكبوا جرائم سطو على مقدرات الدولة و لوثوا الحياة السياسية فيه و جعلوا الاردني غريبا في بلده ؟!

تخيلوا فقط !
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير