أوراق من شبابيكنا !
ماجد شاهين
جو 24 : ( 1 )
في طفولتنا البائسة ، في أغلبها ، المنصرمة ، كُنّا نـُهـْرَع ُ إلى ساحات الرقص ِ و ندس ّ أجسادنا القليلة بين الحاضرين بعدما نكون دلفنا إلى الأماكن بوسائل مواربة !
.. رعاة المكان أو أصحابه ، كانوا يتركون لنا فرصة لكي نتفرّج لوقت قصير ثمّ ينهروننا و يؤشّرون إلينا لنغادر .
لا فرق َ كبيرا ً يحدث اليوم ، فكلّ ما في الأمر أن ّ ساحات الرقص باتت تقدّم للحاضرين وجبات إضافيّة من الفنون ضمن العرض الواحد أو الحفلة الواحدة ، ولا شيء تغيّر بشكل فاقع ٍ سوى أنّنا كنّا ندفع ُ أثمان " فرجتنا " و نقطع التذاكر و قد نتملّص من الأمر بمكر ٍ و دهاء ٍ بذريعة أننا أطفال في حينه ، والآن في وقتنا الحاضر حدث فارق بسيط جدا ً :
__ صرنا نُنادى إلى المسرح ، لكي نتفرّج و نتناول قهوتنا و نجلس إلى مقاعد فارهة و لا تخنقنا الأضواء المطفأة .
__ لا فرق َ جوهريّا ً بين طفولتنا والآن ، سوى أنّنا نتقاضى أجوراً لقاء قيامنا بأدوار المتفرّجين .
__ مهنة جميلة ، لواحد ٍ مثلي فقد فرصا ً واضحة ، أن يعمل متفرّجا ً و يتقاضى أجرا ً .
( 2 )
في اللوحة ِ ، غالبا ً ، مساحات ٌ فارغة ٌ ، رغم احتشاد اللوحة بالألوان والخطوط والأشكال ، والمساحة الفارغة يراها كلّ متفرّج كما يشتهي و على طريقته !
... مهما بلغت شدّة التوهج في اللوحة أو قيمة الجمال أو الإدهاش ، فثمّة في ذهن كلّ متفرّج / متلق ّ ٍ صورة أخرى يريد أن يراها في المشهد / اللوحة !
... يذهب المتفرّجون إلى المسرح ، لا ليشاهدوا حركات الممثلين ، بل ليرى كلّ واحد صورته ونفسه و وجهه الآخر .
و أحيانا ً عديدة ، يضحك المتفرجون بأصوات مرتفعة وفي وقت واحد ، ليس لأن ّ النصّ استدعى الضحك ، و قد يكون ذلك سببا ً ، لكن يُضاف إلى ذلك أن كلّ متفرّج يجد فرصة لكي يضحك على نفسه أو معها .
و كذا يحدث حين تستدعي المسرحيّة أو الفيلم دموعا ً و حزناً ، فكلّ متفرّج و بالضرورة يجدها فرصة لكي يبكي على حاله أو يبكي معها !
( 3 )
إذا حدث َ لك أن صادفت شخصا ً كثير غلبة ، متعنّت في رأيه ، يصمّ الآذان صوتُه و يتعب ُ الرأس َ ، فلا تخوض َ في شرح موقفك من كلامه .. إن شئت أن تريح رأسك و تقلّل من فرص تعرّضك للإرهاق أو لوخز الصدر ، امنحه فرصة لكي يفرح بنفسه ، و قل له أنك تتفق مع ما جاء في كلامه كلّه !
.. تُبتَرد ُ هنا أطرافه و حواسّه فيغدو أقل انفعالا ً و اترك له فرصة وافرة للحديث إلى أن ترتخي أوداجه و أطرافه وينعس .
فتكون تخلّصت من عبء المناكفة التي قد يطالك معها اتهام بالجهل أو أنك حاقد لأن المتحدث يبزّك في امتلاكه لفرص التميّز أو البقاء في المشهد .
...
أمّا إذا غضب المتحدث ، لأنك وافقته الرأي ، والأمر يحدث كثيرا ً عند مثل هؤلاء ، فسيحاول قلب الطاولة و إعادة الكرة إلى ملعبك بأن يتراجع عن كل الذي قاله ويغيّر رأيه و يعيد الكلام بطريقة تعارض ما سبق ، و هنا يكون انتوى إيقاعك في شرك / فخ المناكفة لإشعال صراخ في المشهد وبخاصة يكون يكون المكان عامرا ً بالناس ... هنا أنصحك بأن تردّ له المحاولة بشكل صادم ٍ
وتقلب عليه الطاولة والجدار و تسجل كرتك إصابة في الزاوية القاتلة ... فقط : قل له الكلام ذاته ، أنك تتفق مع كل ما جاء به من قول و تقتنع تماما ً بكلامه !
...
سيُجَـن ّ ُ ، بالضرورة ، و سيضرب رأسه بخشبة المرمى وبالجدران !
لكن ، كن رحيما ً به و لا تغادر المكان إلا ّ بعد أن تطمئنّ إلى أن ّ أذى ً لم يصبه أو يقع مغشيّا ً عليه .
...
قل له في حالات صراخه ، أنك متفق معه ، سيتلفت حوله و يراقب نظرات الحاضرين !
و إذا اقتضت الضرورة ، شارك في نقله إلى مركز طبيّ لكي ينال جرعة مهدئة يتقن حقنها مختصون ، مثلما كنت قبل قليل حقنته بما يكفي من صبرك و لامبالاتك .
( 4 )
لا تشعل َ جدلا ً أو صخبا ً حين لا يتمكّن ذهنك من رؤية وقراءة ما يلائم ذوقك و نواياك في جانب من الحياة ، لا تناصب آخرين العداء أو تناكفهم لمجرّد أنهم أدركوا ما لم تستطع إدراكه أو رأوا ما لم تتح لك بصيرتك رؤيته !
.. كن كما تشتهي و ترغب ، و لا تحشر الآخرين في زاوية معتمة لأنك لم ترَ ما يرونه .
.. اعترف ، يا أنت َ ، بما يستطيع الآخرون فعله و فهمه و تفسيره ، و سيكون لديك وبالضرورة ما تستطيع فعله و فهمه وتفسيره .
.. و الذهن الذي يحمل صاحبُه فكرة ً تقوم ُ على طرد الآخر أو التقليل من شأن الآخر أو تسفيه رأي الآخر ، بالضرورة سيغدو هذا الذهن سياجاً يمنع الهواء والضوء عن صاحبه .
.. بعضهم يختنق ُ بنقص ٍ في " الأكسجين " أو بزيادة في جرعات " ثاني أكسيد الكربون " التي يستنشقها أو بأن تنقطع أنفاسه لسبب ٍ آخر .
...
أمّا عديدون ، فيختنقون بمكرهم و غيظهم .. أمّا حالات سوء الفهم والسهو فتلك يدركها الكيّس الفطن ُ المتمرّس و يجد لصاحبها عذرا ً !
( على قدر ما تحتمل الحروف ُ اقتربنا من المعنى ) .
( 5 )
.. والذي أرهَق َ الذهن الشعبيّ العربيّ و جعله عاجزا ً عن التصالح مع ذاته أو التصالح مع الآخر أو جعله عاجزاً عن إنجاز فكرة تفاوض اجتماعيّ ، تمثـّل في إصرار و دأب الذهن الشعبي الاجتماعيّ على " إعادة إنتاج الشتيمة " أو إعادة تسديد اللكمة .
.. و صارت " ماكينات " تدوير الشتائم تعمل على نحو ٍ متصل و متواصل ، فغابت فكرة أو قيمة التسامح و استقرّت أدوات التصيّد
و تدبير المكائد .
.. و بذلك ، فقد َ المكوّن الاجتماعي ، فرص َ الاشتباك الحضاريّ والحوار البينيّ و عـُطِّلَت ناقلات المشاعر الطيّبة ، فيما حلّت محلّها خطابات الصراخ ، والصراخ ُ لا يداوي الصراخ َ ، بل يشعله .
في طفولتنا البائسة ، في أغلبها ، المنصرمة ، كُنّا نـُهـْرَع ُ إلى ساحات الرقص ِ و ندس ّ أجسادنا القليلة بين الحاضرين بعدما نكون دلفنا إلى الأماكن بوسائل مواربة !
.. رعاة المكان أو أصحابه ، كانوا يتركون لنا فرصة لكي نتفرّج لوقت قصير ثمّ ينهروننا و يؤشّرون إلينا لنغادر .
لا فرق َ كبيرا ً يحدث اليوم ، فكلّ ما في الأمر أن ّ ساحات الرقص باتت تقدّم للحاضرين وجبات إضافيّة من الفنون ضمن العرض الواحد أو الحفلة الواحدة ، ولا شيء تغيّر بشكل فاقع ٍ سوى أنّنا كنّا ندفع ُ أثمان " فرجتنا " و نقطع التذاكر و قد نتملّص من الأمر بمكر ٍ و دهاء ٍ بذريعة أننا أطفال في حينه ، والآن في وقتنا الحاضر حدث فارق بسيط جدا ً :
__ صرنا نُنادى إلى المسرح ، لكي نتفرّج و نتناول قهوتنا و نجلس إلى مقاعد فارهة و لا تخنقنا الأضواء المطفأة .
__ لا فرق َ جوهريّا ً بين طفولتنا والآن ، سوى أنّنا نتقاضى أجوراً لقاء قيامنا بأدوار المتفرّجين .
__ مهنة جميلة ، لواحد ٍ مثلي فقد فرصا ً واضحة ، أن يعمل متفرّجا ً و يتقاضى أجرا ً .
( 2 )
في اللوحة ِ ، غالبا ً ، مساحات ٌ فارغة ٌ ، رغم احتشاد اللوحة بالألوان والخطوط والأشكال ، والمساحة الفارغة يراها كلّ متفرّج كما يشتهي و على طريقته !
... مهما بلغت شدّة التوهج في اللوحة أو قيمة الجمال أو الإدهاش ، فثمّة في ذهن كلّ متفرّج / متلق ّ ٍ صورة أخرى يريد أن يراها في المشهد / اللوحة !
... يذهب المتفرّجون إلى المسرح ، لا ليشاهدوا حركات الممثلين ، بل ليرى كلّ واحد صورته ونفسه و وجهه الآخر .
و أحيانا ً عديدة ، يضحك المتفرجون بأصوات مرتفعة وفي وقت واحد ، ليس لأن ّ النصّ استدعى الضحك ، و قد يكون ذلك سببا ً ، لكن يُضاف إلى ذلك أن كلّ متفرّج يجد فرصة لكي يضحك على نفسه أو معها .
و كذا يحدث حين تستدعي المسرحيّة أو الفيلم دموعا ً و حزناً ، فكلّ متفرّج و بالضرورة يجدها فرصة لكي يبكي على حاله أو يبكي معها !
( 3 )
إذا حدث َ لك أن صادفت شخصا ً كثير غلبة ، متعنّت في رأيه ، يصمّ الآذان صوتُه و يتعب ُ الرأس َ ، فلا تخوض َ في شرح موقفك من كلامه .. إن شئت أن تريح رأسك و تقلّل من فرص تعرّضك للإرهاق أو لوخز الصدر ، امنحه فرصة لكي يفرح بنفسه ، و قل له أنك تتفق مع ما جاء في كلامه كلّه !
.. تُبتَرد ُ هنا أطرافه و حواسّه فيغدو أقل انفعالا ً و اترك له فرصة وافرة للحديث إلى أن ترتخي أوداجه و أطرافه وينعس .
فتكون تخلّصت من عبء المناكفة التي قد يطالك معها اتهام بالجهل أو أنك حاقد لأن المتحدث يبزّك في امتلاكه لفرص التميّز أو البقاء في المشهد .
...
أمّا إذا غضب المتحدث ، لأنك وافقته الرأي ، والأمر يحدث كثيرا ً عند مثل هؤلاء ، فسيحاول قلب الطاولة و إعادة الكرة إلى ملعبك بأن يتراجع عن كل الذي قاله ويغيّر رأيه و يعيد الكلام بطريقة تعارض ما سبق ، و هنا يكون انتوى إيقاعك في شرك / فخ المناكفة لإشعال صراخ في المشهد وبخاصة يكون يكون المكان عامرا ً بالناس ... هنا أنصحك بأن تردّ له المحاولة بشكل صادم ٍ
وتقلب عليه الطاولة والجدار و تسجل كرتك إصابة في الزاوية القاتلة ... فقط : قل له الكلام ذاته ، أنك تتفق مع كل ما جاء به من قول و تقتنع تماما ً بكلامه !
...
سيُجَـن ّ ُ ، بالضرورة ، و سيضرب رأسه بخشبة المرمى وبالجدران !
لكن ، كن رحيما ً به و لا تغادر المكان إلا ّ بعد أن تطمئنّ إلى أن ّ أذى ً لم يصبه أو يقع مغشيّا ً عليه .
...
قل له في حالات صراخه ، أنك متفق معه ، سيتلفت حوله و يراقب نظرات الحاضرين !
و إذا اقتضت الضرورة ، شارك في نقله إلى مركز طبيّ لكي ينال جرعة مهدئة يتقن حقنها مختصون ، مثلما كنت قبل قليل حقنته بما يكفي من صبرك و لامبالاتك .
( 4 )
لا تشعل َ جدلا ً أو صخبا ً حين لا يتمكّن ذهنك من رؤية وقراءة ما يلائم ذوقك و نواياك في جانب من الحياة ، لا تناصب آخرين العداء أو تناكفهم لمجرّد أنهم أدركوا ما لم تستطع إدراكه أو رأوا ما لم تتح لك بصيرتك رؤيته !
.. كن كما تشتهي و ترغب ، و لا تحشر الآخرين في زاوية معتمة لأنك لم ترَ ما يرونه .
.. اعترف ، يا أنت َ ، بما يستطيع الآخرون فعله و فهمه و تفسيره ، و سيكون لديك وبالضرورة ما تستطيع فعله و فهمه وتفسيره .
.. و الذهن الذي يحمل صاحبُه فكرة ً تقوم ُ على طرد الآخر أو التقليل من شأن الآخر أو تسفيه رأي الآخر ، بالضرورة سيغدو هذا الذهن سياجاً يمنع الهواء والضوء عن صاحبه .
.. بعضهم يختنق ُ بنقص ٍ في " الأكسجين " أو بزيادة في جرعات " ثاني أكسيد الكربون " التي يستنشقها أو بأن تنقطع أنفاسه لسبب ٍ آخر .
...
أمّا عديدون ، فيختنقون بمكرهم و غيظهم .. أمّا حالات سوء الفهم والسهو فتلك يدركها الكيّس الفطن ُ المتمرّس و يجد لصاحبها عذرا ً !
( على قدر ما تحتمل الحروف ُ اقتربنا من المعنى ) .
( 5 )
.. والذي أرهَق َ الذهن الشعبيّ العربيّ و جعله عاجزا ً عن التصالح مع ذاته أو التصالح مع الآخر أو جعله عاجزاً عن إنجاز فكرة تفاوض اجتماعيّ ، تمثـّل في إصرار و دأب الذهن الشعبي الاجتماعيّ على " إعادة إنتاج الشتيمة " أو إعادة تسديد اللكمة .
.. و صارت " ماكينات " تدوير الشتائم تعمل على نحو ٍ متصل و متواصل ، فغابت فكرة أو قيمة التسامح و استقرّت أدوات التصيّد
و تدبير المكائد .
.. و بذلك ، فقد َ المكوّن الاجتماعي ، فرص َ الاشتباك الحضاريّ والحوار البينيّ و عـُطِّلَت ناقلات المشاعر الطيّبة ، فيما حلّت محلّها خطابات الصراخ ، والصراخ ُ لا يداوي الصراخ َ ، بل يشعله .