jo24_banner
jo24_banner

من السجون إلى رئاسة الوزراء.. عودة النشطاء أم استعادة كينونة الرئيس ؟

تامر خرمه
جو 24 :

رئيس الحكومة انتصر لذاته واستعاد ما انتزعه طموح المنصب واللقب، عبر لقائه بنشطاء الحراك الثمانية عشر، الذين تم تكفيلهم ظهر الاربعاء، ليخرجوا من السجون إلى دار الرئاسة.


خطوة لا يمكن التقليل من شأنها، عبّر خلالها د. عبدالله النسور عن رغبته بانتشال الذات من مصيدة الذوبان في توجيهات المركز الأمني السياسي، حيث خرج من الإطار الذي أرادته له حكومة الظل، وانسجم مع ذاته ليسبح عكس تيّار التوجيهات والاملاءات.. فهل يستمر الرئيس بهذه الخطوات حتى تحقيق الولاية العامّة ؟


في بداية تكليف النسور بتشكيل الحكومة، كشف كرسيّ الرئاسة عن فداحة الثمن الذي ينبغي على الرجل تسديده على حساب شخصيته ومواقفه السابقة، فأبقى على الكوتات الوزاريّة تجنبا للصدام مع الديوان والدوائر الأمنيّة، وكانت النتيجة إعادة إنتاج حكومة الطراونة والحفاظ على الشخصيات العابر للحكومات -كلٌّ في منصبه- ثم ما لبث الرئيس أن بدأ بالترويج لقانون الصوت المجزوء الذي من المقرّر إجراء الانتخابات استنادا إليه دون تحقيق أية شراكة سياسيّة. وبعد ذلك دافع النسور عن قانون المطبوعات الذي عارضه عندما كان نائبا في البرلمان، وتنازل عن ولايته العامّة عبر تصريحاته التي قال فيها إن الإفراج عن معتقلي الرأي يحتاج لمكرمة ملكيّة !!


وسرعان ما وجد الرجل نفسه محاصرا بتوجيهات ورغبات حكومة الظل، التي من شأنها تعديم ذاته وإلغاء كينونته، بل وإعادة برمجتها وفق إحداثيات "الأداة التنفيذيّة" عوضا عن "السلطة التنفيذيّة".


وقبل أن يبلغ نقطة اللاعودة، أعلن الرئيس قرار الانتصار للذات وزار الصحافيين في خيمة الاعتصام التي مارست "الجهات المختصّة" كافة أساليب التحريض والترهيب حتى نجحت بإزالتها، عبر الضغط على صاحب قطعة الأرض التي أقام عليها المعتصمون خيمة الحريّة، والذي لوّح بتقديم شكوى لدى المدعي العام في حال استمر وجود الخيمة، وذلك بعد تنظيم مهرجان "هبّة وطن" انتصارا لمعتقلي الحراك.


وفور صدور قرارات تكفيل النشطاء الثمانية عشر، وإخلاء سبيلهم من السجون، اهتبل النسور هذه الفرصة لينتزع الاعتبار لذاته عبر استقبالهم والاستماع إليهم في دار الرئاسة، في خطوة أقلّ ما يقال عنها أنها تعيد الرجل إلى طريق تحقيق الذات.


وبعد خروجهم من السجون إلى رئاسة الوزراء، مازال النشطاء الثمانية عشر مهدّدين بسلب حريتهم مجددا عبر جلسات محكمة أمن الدولة، التي رفض العديد منهم الإدلاء بإفادتهم أمامها، باعتبارها محكمة غير دستوريّة، فهل ينتصر النسور لذاته مجددا، ويمنع محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكريّة.


انطلاقا من كونه رئيس السلطة التنفيذية، الذي يفترض به ممارسة ولايته العامّة، فإن على رئيس الوزراء إعادة تصويب الأوضاع غير الدستوريّة التي أفرزها كل من قانون المطبوعات وقانون محكمة أمن الدولة، حيث أن هذه هي النتيجة المنطقيّة التي من المفترض أن يقدم نحوها الرجل بعد زيارته لخيمة الصحافيين، ومن ثمّ استقباله لنشطاء الحراك -لذين تمّ تكفيلهم- في دار الرئاسة.

 

هل يكمل الرئيس طريقه الذي بدأه في رحلة استعادة  الذات وتحقيق الولاية العامّة خارج إطار التوجيهات والاملاءات ؟ ليكون أوّل رئيس ينجح بانتزاع الولاية العامّة منذ بدء تجربة الانفراج الديمقراطي في العام 1989.. سؤال يفرض نفسه بإلحاح على جدول أعمال الأيام القادمة.

تابعو الأردن 24 على google news