عندنا الآن : بطاطا و صخب شوارع ٍ و عناوين مجهولة !
ماجد شاهين
جو 24 : قبل يومين ، لم يترك لي جارنا بائع الخضار فرصة لكي أسأل عن غول الأسعار و نارها التي حرقت جيوب الناس و قد تحرق أوقاتهم ، و باغتني بالسؤال : ما الذي يحدث في البلاد و عند العباد ؟
.. قلت له ومن دون مواربة أنّني لا أعرف بالتحديد مكمن الجرح الذي يتسبب في إيلامنا وإيقاع الأذى النفسي والمادي بنا جرّاء تحوّلات فاقعة في المشهد اليوميّ عندنا ، وبخاصة مشهد السوق والشارع ، بما فيه محلّ الخضار و المخبز و محطة المحروقات و محال المواذ التموينيّة و سواها وبما في ذلك ما يحدث عند الرصيف و في بؤرة الشارع ، في الليل والنهار ، ممّا كنّا حذّرنا منه وما نزال نخشاه من انفلات و ضياع بسبب ٍ من تراجع حضور منظومة السلوك و انشغال الفرد بالرغيف والأسرة بــ ِ (طعامها و فواتيرها و التزاماتها حيال التعليم والمساكن و المرض و محروقات الشتاء والصيف ) .
.. لكنّني ، تابعت في قولي لبائع الخضار و لامرأة تشكو سوء الحال وتقف في انتظار أن يجيء دورها للحصول على ربطة خبز ، و كذلك لرجل انزوى في مقهى بعيداً عن يؤس ٍ واضح في الشارع يظهر على وجوه الباعة والمارّين ، واقتعد كرسيّاً يطلّ على الناس من خلاله ولا يرونه ، وقلت أنّ الذي يحدث لم يكن ليخطر في بال و روع و ذهن أشدّ المتشائمين ، فالناس يلهجون بالسؤال ولا يجدون إجابة واضحة ، كأنّما تاهت الطريق و انقلبت الحال و ما عادت الأشياء واضحة .
.. الناس عندنا لديهم أسئلة إضافيّة غير تلك التي يسألها أيّ مواطن عربيّ في بلده ، فعندنا ننشغل بالماء و مواعيد ضخّه للمنازل بانتظام و يسر و نقاء ، و ننشغل بالشوارع و السيّارات التي يلعب بها السائقون الشباب تفحيطاً و حركات بهلوانيّة ، و ننشغل بأكوام القمامة التي عند الأرصفة وعند أبواب المحالّ التجاريّة وأطنان النفايات التي تطرحها البيوت يوميّاً وتلكؤ أجهزة النظامة والبلديّات أو ربّما عجزها عن مواكبة احتياجات النظافة ، و ربّما يرجع شيوع الأزمة إلىأسباب أخرى من بينها أنماط مغلوطة في السولك الغذائيّة للأفراد والسلوكات في التعامل مع النفايات لربّات المنازل وأصحابها .
.. والناس ، كذلك ، ينشغلون عندنا ، بشكل خاص في صخب الشارع و غضب الفتية وأحوالهم ، وإلى الآن لا أحد يستطيع التقاط مفاتيح الأزمة النفسية والماديّة لكثير من أبناء الجيل الجديد وبالتالي فأسباب وظروف العلاج ما تزال غير متوافرة لأنّ المشتغلين في أحوال الأزمة يواربون ولا يريدون الاعتراف بوجودها .
.. والناس عندنا ، أرهقتهم أحوال السياسة القريبة والبعيدة ، مثل غيرهم من شعوب المنطقة ، وربّما أكثر قليلا ً بسبب ما يختصّ به المكان والناس من صلات مباشرة متصلة بكثير من التحوّلات ونتائجها .
.. ليس خطيراً أن يفور الشارع ويغلي ، فذلك أمر نراه و حين يحدث ترصده العين ويمكن التعامل معه ومقاربة احواله والتمكن من إدارة أزمته ، لكن الأشدّ خطورة أن يفور المرء من داخله فيغلي ودانه ويفقد توازنه و يبدأ إعمالا ً لفوضاه في الاتجاهات كلّها ، ابتداء من أسرته الصغيرة إلى شارعه إلى منطقته إلى مدينته ، و ذلك من دون أن يدري أحد به .
.. أين الحكومات والمؤسّسات الرسميّة والشعبيّة والمنتخبة و الفكرية والثقافيّة وسواها من الأحداث والأحوال كلّها ؟
نخشى أن تكون منخرطة في لعبة التجاهل والغموض والسكوت عن مؤشرات المخاطر المحدقة الواقعة والمرتقبة .
... قلت ، ورجوعاً إلى ما ينفع البطن ، لبائع الخضار هات لي خمسة حبّات بطاطا و ثلاث باذنجانات و ضمة بقدونس و ست جزرات ، فاستهجن .. وحينها أشرت إليه بأن ّ الأمر قد يغدو دارجاً عندنا بعدما أكل التجّار أخضر الناس ويابسهم و بعدما أغفلت الحكومات أوجاع الناس وبخاصة في قوتهم ومائهم و محروقات شتائهم .
.. ليس مهمّا ً أن ترفع لي سقف الكلام إلى أبعد مدى ، بل المهمّ أن لا تدلف سقوف منازلنا و لا نجد الطين أو حتى العجين.
.. الأحوال لا تسرّ ، ومن يقول بغير ذلك فقد يكون مترف الفكر والروح والرائحة .
.. عدنا إلى بائع البطاطا ، وقلنا له : لا نعرف مكمناً واحداً للأذى الذي نحن فيه ، بل نعرف أسباباً عديدة يمكن الإمساك بها والبدء الفوريّ في تشريحها و استئصال الخلل و قطع دابر القهر من جذوره.
.. قلت له ومن دون مواربة أنّني لا أعرف بالتحديد مكمن الجرح الذي يتسبب في إيلامنا وإيقاع الأذى النفسي والمادي بنا جرّاء تحوّلات فاقعة في المشهد اليوميّ عندنا ، وبخاصة مشهد السوق والشارع ، بما فيه محلّ الخضار و المخبز و محطة المحروقات و محال المواذ التموينيّة و سواها وبما في ذلك ما يحدث عند الرصيف و في بؤرة الشارع ، في الليل والنهار ، ممّا كنّا حذّرنا منه وما نزال نخشاه من انفلات و ضياع بسبب ٍ من تراجع حضور منظومة السلوك و انشغال الفرد بالرغيف والأسرة بــ ِ (طعامها و فواتيرها و التزاماتها حيال التعليم والمساكن و المرض و محروقات الشتاء والصيف ) .
.. لكنّني ، تابعت في قولي لبائع الخضار و لامرأة تشكو سوء الحال وتقف في انتظار أن يجيء دورها للحصول على ربطة خبز ، و كذلك لرجل انزوى في مقهى بعيداً عن يؤس ٍ واضح في الشارع يظهر على وجوه الباعة والمارّين ، واقتعد كرسيّاً يطلّ على الناس من خلاله ولا يرونه ، وقلت أنّ الذي يحدث لم يكن ليخطر في بال و روع و ذهن أشدّ المتشائمين ، فالناس يلهجون بالسؤال ولا يجدون إجابة واضحة ، كأنّما تاهت الطريق و انقلبت الحال و ما عادت الأشياء واضحة .
.. الناس عندنا لديهم أسئلة إضافيّة غير تلك التي يسألها أيّ مواطن عربيّ في بلده ، فعندنا ننشغل بالماء و مواعيد ضخّه للمنازل بانتظام و يسر و نقاء ، و ننشغل بالشوارع و السيّارات التي يلعب بها السائقون الشباب تفحيطاً و حركات بهلوانيّة ، و ننشغل بأكوام القمامة التي عند الأرصفة وعند أبواب المحالّ التجاريّة وأطنان النفايات التي تطرحها البيوت يوميّاً وتلكؤ أجهزة النظامة والبلديّات أو ربّما عجزها عن مواكبة احتياجات النظافة ، و ربّما يرجع شيوع الأزمة إلىأسباب أخرى من بينها أنماط مغلوطة في السولك الغذائيّة للأفراد والسلوكات في التعامل مع النفايات لربّات المنازل وأصحابها .
.. والناس ، كذلك ، ينشغلون عندنا ، بشكل خاص في صخب الشارع و غضب الفتية وأحوالهم ، وإلى الآن لا أحد يستطيع التقاط مفاتيح الأزمة النفسية والماديّة لكثير من أبناء الجيل الجديد وبالتالي فأسباب وظروف العلاج ما تزال غير متوافرة لأنّ المشتغلين في أحوال الأزمة يواربون ولا يريدون الاعتراف بوجودها .
.. والناس عندنا ، أرهقتهم أحوال السياسة القريبة والبعيدة ، مثل غيرهم من شعوب المنطقة ، وربّما أكثر قليلا ً بسبب ما يختصّ به المكان والناس من صلات مباشرة متصلة بكثير من التحوّلات ونتائجها .
.. ليس خطيراً أن يفور الشارع ويغلي ، فذلك أمر نراه و حين يحدث ترصده العين ويمكن التعامل معه ومقاربة احواله والتمكن من إدارة أزمته ، لكن الأشدّ خطورة أن يفور المرء من داخله فيغلي ودانه ويفقد توازنه و يبدأ إعمالا ً لفوضاه في الاتجاهات كلّها ، ابتداء من أسرته الصغيرة إلى شارعه إلى منطقته إلى مدينته ، و ذلك من دون أن يدري أحد به .
.. أين الحكومات والمؤسّسات الرسميّة والشعبيّة والمنتخبة و الفكرية والثقافيّة وسواها من الأحداث والأحوال كلّها ؟
نخشى أن تكون منخرطة في لعبة التجاهل والغموض والسكوت عن مؤشرات المخاطر المحدقة الواقعة والمرتقبة .
... قلت ، ورجوعاً إلى ما ينفع البطن ، لبائع الخضار هات لي خمسة حبّات بطاطا و ثلاث باذنجانات و ضمة بقدونس و ست جزرات ، فاستهجن .. وحينها أشرت إليه بأن ّ الأمر قد يغدو دارجاً عندنا بعدما أكل التجّار أخضر الناس ويابسهم و بعدما أغفلت الحكومات أوجاع الناس وبخاصة في قوتهم ومائهم و محروقات شتائهم .
.. ليس مهمّا ً أن ترفع لي سقف الكلام إلى أبعد مدى ، بل المهمّ أن لا تدلف سقوف منازلنا و لا نجد الطين أو حتى العجين.
.. الأحوال لا تسرّ ، ومن يقول بغير ذلك فقد يكون مترف الفكر والروح والرائحة .
.. عدنا إلى بائع البطاطا ، وقلنا له : لا نعرف مكمناً واحداً للأذى الذي نحن فيه ، بل نعرف أسباباً عديدة يمكن الإمساك بها والبدء الفوريّ في تشريحها و استئصال الخلل و قطع دابر القهر من جذوره.