ثورة في العناية المركزة
سامر حيدر المجالي
جو 24 :
الثورة المصرية في غرفة العناية المركزة، والسبب بسيط؛ في الساحة قوتان فقط لا غير، وجوهر الثورة مستثنى من التعبير عن نفسه. الفلول يصارعون الإخوان، وكلا الطرفين جزء من ماض أرادت هذه الثورة أن تتجاوزه...
شخصيا، لو كنت مصريا ووضعت في هذا المأزق الحرج، فإنني سأمنح صوتي لمرسي، على اعتبار أن أسوأ ما أنتجه تاريخ الأمة العربية منذ أيام جاهليتها حتى يومنا هذا، هو هذه الأنظمة التي حكمت البلدان العربية منذ قرن من الزمان. وشفيق بلا شك هو جزء من نظام مبارك غير البائد. وعودته عودة مرحلة بأكملها، لكنها عودة أقوى وأرسخ، لأنها متوجة بالخيار الديمقراطي واختيار الأغلبية. ولأنها كذلك عودة بعد تجربة مرة أثمرت خبرة جديدة، زودت هذا النوع من الأنظمة بتكتيكات متطورة تمكنها من تجاوز أزمات كهذه. على اعتبار أن ما لا يقتلك يتركك أقوى. ونظام مبارك لم يُـقتل، بدليل وجود شفيق على الساحة...
إذن الكفر بعينه هو انتخاب شفيق مجددا، لكن هذا الكفر ليس كفرا دينيا كما رأى القرضاوي. وإنما هو كفر بالوطن ودماء الشهداء ولقمة الغلابى وآهات غزة...
غير أن المأزق مستمر بوجود الإخوان على الساحة. ومشكلة الإخوان التي أظهرها الربيع العربي تكمن في نرجسيتهم واستعلائهم على الشارع، الذي استثنوه من خيارات الشراكة حين أرادوا كل شيء لهم وحدهم، مجلس الشعب والرئاسة والمجلس التأسيسي لوضع الدستور و........و.......و......
ألم يفعل الإخوان شيئا يشبه هذا في الأردن؟؟ ألم ينسحبوا من اعتصام السفارة الإسرائيلية مثلا، لأنهم قرروا بمفردهم أن يعتصموا أمام مجلس النواب؟؟ ألم يتعالوا على الشارع ويخوضوا معاركهم منفردين، لأنهم قيموا الشارع بمقاييس ما قبل الربيع العربي، مقاييس الزمن البائد الذي كان الناس فيه مجرد أعداد لا قيمة لها ولا تأثير. الإخوان انقلبوا على الربيع العربي لأنهم لم يفهموا معناه، ولأنهم لم يدفعوا فيه ثمنا، ولأنهم تحكمهم نفس العقلية القديمة، عقلية الجموع التابعة التي تُساق بمكبرات الصوت، وتزحف عمياء إلى صناديق الاقتراع. الإخوان ظنوها مجرد معركة انتخابية لن يخالطها تزوير هذه المرة، وستقودهم حتما إلى كل شيء من أشياء السلطة.
النتيجة أن هذا الصراع ضحيته الديمقراطية وقتيله الشعب وحريقه الوطن بأكمله. ولعل كلمة الحريق هي الألصق بشر يبدو في الأفق. هل تغدو مصر جزائر جديدة؟ وهل ستنطلق وحشية الشعب من عقالها وتتحول الثورة السلمية إلى ساحة دم واقتتال حين يدرك الناس أن خيارهم مصادر، وأن الأشرار باقون باقون؟؟ وهل سيتحمل الإسلام مجددا، خطيئة الأنظمة التي لم تترك للناس عقلا ولا دينا ولا ثقة.
اللهم ارحم مصر وأهلها، وجنب درة العرب والإسلام شرا يُـحاك لها...
Samhm111@hotmail.com
الثورة المصرية في غرفة العناية المركزة، والسبب بسيط؛ في الساحة قوتان فقط لا غير، وجوهر الثورة مستثنى من التعبير عن نفسه. الفلول يصارعون الإخوان، وكلا الطرفين جزء من ماض أرادت هذه الثورة أن تتجاوزه...
شخصيا، لو كنت مصريا ووضعت في هذا المأزق الحرج، فإنني سأمنح صوتي لمرسي، على اعتبار أن أسوأ ما أنتجه تاريخ الأمة العربية منذ أيام جاهليتها حتى يومنا هذا، هو هذه الأنظمة التي حكمت البلدان العربية منذ قرن من الزمان. وشفيق بلا شك هو جزء من نظام مبارك غير البائد. وعودته عودة مرحلة بأكملها، لكنها عودة أقوى وأرسخ، لأنها متوجة بالخيار الديمقراطي واختيار الأغلبية. ولأنها كذلك عودة بعد تجربة مرة أثمرت خبرة جديدة، زودت هذا النوع من الأنظمة بتكتيكات متطورة تمكنها من تجاوز أزمات كهذه. على اعتبار أن ما لا يقتلك يتركك أقوى. ونظام مبارك لم يُـقتل، بدليل وجود شفيق على الساحة...
إذن الكفر بعينه هو انتخاب شفيق مجددا، لكن هذا الكفر ليس كفرا دينيا كما رأى القرضاوي. وإنما هو كفر بالوطن ودماء الشهداء ولقمة الغلابى وآهات غزة...
غير أن المأزق مستمر بوجود الإخوان على الساحة. ومشكلة الإخوان التي أظهرها الربيع العربي تكمن في نرجسيتهم واستعلائهم على الشارع، الذي استثنوه من خيارات الشراكة حين أرادوا كل شيء لهم وحدهم، مجلس الشعب والرئاسة والمجلس التأسيسي لوضع الدستور و........و.......و......
ألم يفعل الإخوان شيئا يشبه هذا في الأردن؟؟ ألم ينسحبوا من اعتصام السفارة الإسرائيلية مثلا، لأنهم قرروا بمفردهم أن يعتصموا أمام مجلس النواب؟؟ ألم يتعالوا على الشارع ويخوضوا معاركهم منفردين، لأنهم قيموا الشارع بمقاييس ما قبل الربيع العربي، مقاييس الزمن البائد الذي كان الناس فيه مجرد أعداد لا قيمة لها ولا تأثير. الإخوان انقلبوا على الربيع العربي لأنهم لم يفهموا معناه، ولأنهم لم يدفعوا فيه ثمنا، ولأنهم تحكمهم نفس العقلية القديمة، عقلية الجموع التابعة التي تُساق بمكبرات الصوت، وتزحف عمياء إلى صناديق الاقتراع. الإخوان ظنوها مجرد معركة انتخابية لن يخالطها تزوير هذه المرة، وستقودهم حتما إلى كل شيء من أشياء السلطة.
النتيجة أن هذا الصراع ضحيته الديمقراطية وقتيله الشعب وحريقه الوطن بأكمله. ولعل كلمة الحريق هي الألصق بشر يبدو في الأفق. هل تغدو مصر جزائر جديدة؟ وهل ستنطلق وحشية الشعب من عقالها وتتحول الثورة السلمية إلى ساحة دم واقتتال حين يدرك الناس أن خيارهم مصادر، وأن الأشرار باقون باقون؟؟ وهل سيتحمل الإسلام مجددا، خطيئة الأنظمة التي لم تترك للناس عقلا ولا دينا ولا ثقة.
اللهم ارحم مصر وأهلها، وجنب درة العرب والإسلام شرا يُـحاك لها...
Samhm111@hotmail.com