إيمان.... إصرار.... مغامرة
سامر حيدر المجالي
جو 24 : هل تحبون قراءة التاريخ؟ هلموا بنا إذن نكشف بعض أسراره....
خرج التتار بالملايين يأكلون الأخضر واليابس، ويحرقون المدن ويبيدون أهلها، حتى انتهوا إلى عين جالوت فانهارت كل أحلامهم في ليلة واحدة؛ ذلك أنهم خرجوا من بلادهم بروح المغامرة فقط، فلما اختُبروا على وجه الحقيقة سقطوا سقوطاً مريعا وعادوا خائبين. لقد كان ينقصهم إيمان بما يفعلون وإصرار على بلوغ الغاية....
وقبلهم بلغ الإسكندر المقدوني أقصى آفاق الأرض. احتلَّ العالم في تسع سنوات. غير أن شعباً صغيراً رده على أعقابه مذموما مدحورا. ذلك أن الإسكندر غامر وأصر، غير أن قادة جنده عازهم الإيمان بالغاية، وانكسرت هممهم أمام مشهد مريع جسده شعب الباشتون في جنوب أفغانستان. إذ تقول الرواية أن أهل المنطقة أرسلوا له على مدى ثلاثة أيام شيخا طاعنا في السن، ثم شابا في ريعانه، ثم صبية بارعة الجمال، فحرقوا جميعهم الواحد تلو الآخر أنفسهم أمام الإسكندر، فزرعوا الرعب في قلوب جنده، وأجبروا قادته على طرح السؤال الكبير: ما الذي جاء بنا إلى هنا أيها الإسكندر؟؟
أما بنو إسرائيل مع نبيهم داوود فكان شأنهم مختلفا. لقد قررت قلة منهم أن تغامر وتواجه الظالمين مهما كانت النتائج. ".....قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أُخرجنا من ديارنا وأبنائنا...." واختُبر إصرارهم فنجحت قلة القلة ".... إن الله مبتليكم بنهر...." "... فشربوا منه إلا قليلا منهم...." ثم ارتعدت قلة القلة وقالت "لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده" عندئذ رجح الإيمان "قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله...." ففتح الله عليهم بالنصر، وقتل داوودُ ذو الستة عشر ربيعا جالوتَ وآتاه الله الملك والحكمة....
وامتلك كريستوفر كولومبوس العوامل الثلاثة فغيرت رحلته مسار العالم. آمن إيمانا قويا أن وراء البحار ما يستحق الاستكشاف، وأصر على غايته فعرض مشروعه على ملوك أوروبا فرفضوه تباعا حتى اقتنع ملك إسبانيا بمشروعه ووافق على تمويله. عندئذ خاض المستكشف مغامرته الصعبة، هو وثلة من الرجال غير العاديين، فنجحوا وصارت البشرية كلها مدينة لهم باكتشافاتهم...
وكان لدى هنيبعل الكثير الكثير من الإيمان والإصرار وروح المغامرة فأوغل في جسد روما تشريحا وكاد أن يسقطها وهي في أوجها لولا أن التفت روما عليه من الخلف وحاربته في جبهته الداخلية بشراء الضمائر والذمم....
الرجال العظماء تقودهم أرواحهم إلى الغايات الكبيرة. والإنجازات الكبرى لم تكن إلا وليدة هذه العوامل الثلاثة؛ الإيمان والإصرار والمغامرة. أما العقل فهياب وقاصر. لا يعني ذلك أن المغامرة رحلة سفيهة، ولا أن العقل أداة مستبعدة، بل يعني أن المشاريع لا تولد مكتملة أبدا، وأن انتظار اكتمال أسبابها يعني الركون إلى العجز والتسويف، عندئذ يمضي العمر دون أن يحقق صاحب الأحلام شيئا من أحلامه.
هنيئا للمقاومة أنها مشروع تتجسد فيه كل عوامل النجاح. إنها روح تواقة للنصر. إنها رغبة أكيدة في المواجهة، تستعجل الثورة على الذل "وعجلتُ إليكَ ربِّ لترضى" تتسلح بما تيسر من الإمكانات، تحارب بالحجارة وبالصواريخ البدائية وبالكر والفر، لكنها تكبر كل يوم، وتزداد وطأتها على أعدائها. وتمضي إلى حلمها الكبير واثقة بالنصر والتمكين...
يستطيع العاجزون أن يطعنوا المقاومة بمبرراتهم الواهنة، ويسخروا من إمكانياتها، ويحاكموها على بسالتها وروح المغامرة التي تسيّرها، لكنهم بهذا يسلكون مسلك النكرات، العاجزين، أوباش التاريخ، عبيد البطون والفروج، الذين يمر التاريخ على ذكراهم كما يمر أحدنا بالجيفة العفنة...
خرج التتار بالملايين يأكلون الأخضر واليابس، ويحرقون المدن ويبيدون أهلها، حتى انتهوا إلى عين جالوت فانهارت كل أحلامهم في ليلة واحدة؛ ذلك أنهم خرجوا من بلادهم بروح المغامرة فقط، فلما اختُبروا على وجه الحقيقة سقطوا سقوطاً مريعا وعادوا خائبين. لقد كان ينقصهم إيمان بما يفعلون وإصرار على بلوغ الغاية....
وقبلهم بلغ الإسكندر المقدوني أقصى آفاق الأرض. احتلَّ العالم في تسع سنوات. غير أن شعباً صغيراً رده على أعقابه مذموما مدحورا. ذلك أن الإسكندر غامر وأصر، غير أن قادة جنده عازهم الإيمان بالغاية، وانكسرت هممهم أمام مشهد مريع جسده شعب الباشتون في جنوب أفغانستان. إذ تقول الرواية أن أهل المنطقة أرسلوا له على مدى ثلاثة أيام شيخا طاعنا في السن، ثم شابا في ريعانه، ثم صبية بارعة الجمال، فحرقوا جميعهم الواحد تلو الآخر أنفسهم أمام الإسكندر، فزرعوا الرعب في قلوب جنده، وأجبروا قادته على طرح السؤال الكبير: ما الذي جاء بنا إلى هنا أيها الإسكندر؟؟
أما بنو إسرائيل مع نبيهم داوود فكان شأنهم مختلفا. لقد قررت قلة منهم أن تغامر وتواجه الظالمين مهما كانت النتائج. ".....قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أُخرجنا من ديارنا وأبنائنا...." واختُبر إصرارهم فنجحت قلة القلة ".... إن الله مبتليكم بنهر...." "... فشربوا منه إلا قليلا منهم...." ثم ارتعدت قلة القلة وقالت "لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده" عندئذ رجح الإيمان "قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله...." ففتح الله عليهم بالنصر، وقتل داوودُ ذو الستة عشر ربيعا جالوتَ وآتاه الله الملك والحكمة....
وامتلك كريستوفر كولومبوس العوامل الثلاثة فغيرت رحلته مسار العالم. آمن إيمانا قويا أن وراء البحار ما يستحق الاستكشاف، وأصر على غايته فعرض مشروعه على ملوك أوروبا فرفضوه تباعا حتى اقتنع ملك إسبانيا بمشروعه ووافق على تمويله. عندئذ خاض المستكشف مغامرته الصعبة، هو وثلة من الرجال غير العاديين، فنجحوا وصارت البشرية كلها مدينة لهم باكتشافاتهم...
وكان لدى هنيبعل الكثير الكثير من الإيمان والإصرار وروح المغامرة فأوغل في جسد روما تشريحا وكاد أن يسقطها وهي في أوجها لولا أن التفت روما عليه من الخلف وحاربته في جبهته الداخلية بشراء الضمائر والذمم....
الرجال العظماء تقودهم أرواحهم إلى الغايات الكبيرة. والإنجازات الكبرى لم تكن إلا وليدة هذه العوامل الثلاثة؛ الإيمان والإصرار والمغامرة. أما العقل فهياب وقاصر. لا يعني ذلك أن المغامرة رحلة سفيهة، ولا أن العقل أداة مستبعدة، بل يعني أن المشاريع لا تولد مكتملة أبدا، وأن انتظار اكتمال أسبابها يعني الركون إلى العجز والتسويف، عندئذ يمضي العمر دون أن يحقق صاحب الأحلام شيئا من أحلامه.
هنيئا للمقاومة أنها مشروع تتجسد فيه كل عوامل النجاح. إنها روح تواقة للنصر. إنها رغبة أكيدة في المواجهة، تستعجل الثورة على الذل "وعجلتُ إليكَ ربِّ لترضى" تتسلح بما تيسر من الإمكانات، تحارب بالحجارة وبالصواريخ البدائية وبالكر والفر، لكنها تكبر كل يوم، وتزداد وطأتها على أعدائها. وتمضي إلى حلمها الكبير واثقة بالنصر والتمكين...
يستطيع العاجزون أن يطعنوا المقاومة بمبرراتهم الواهنة، ويسخروا من إمكانياتها، ويحاكموها على بسالتها وروح المغامرة التي تسيّرها، لكنهم بهذا يسلكون مسلك النكرات، العاجزين، أوباش التاريخ، عبيد البطون والفروج، الذين يمر التاريخ على ذكراهم كما يمر أحدنا بالجيفة العفنة...