2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

كأنَّ ما ينقصنا هو الخلافة فقط..

سامر حيدر المجالي
جو 24 : هؤلاء الذين يقدمون لكم مشروع خلافتهم إنما يقدمون حلماً محفوفاً بالفشل الذريع؛ ذلك أن الأمر ليس بهذه السهولة، ولن يكون..

ما ينقصنا، وما تعجز مجسات هؤلاء عن اكتشافه، بل تجهل ضرورته من الأساس، أن يكون هناك مجتمع يحمل الخلافة ويقيها عثراتها المحتملة. مجتمع لا يعاني من نسب أمية عالية، ولا بطالة متفاقمة، ولا أخلاق رديئة وغش وأنانية. مجتمع فيه من الوعي السياسي والثقافي ما يمكنه من تطوير أدوات حكم تناسب الزمان وما طرأ عليه من تغييرات مضت به سنوات ضوئية بعيداً عن مجتمع الخلافة الأول..

أما أن يخرج من هبَّ ودبَّ جاعلاً من نفسه أميراً للمؤمنين فأمر مخيف ومرعب. أبو بكر البغدادي تلميذ الزرقاوي، هذا كل ما نعرفه عن التلميذ، أما ما نعرفه عن الأستاذ فهو أيضا مبهم، والشيء الوحيد الثابت عنه (..) وبعدها صار بطلاً وقائداً وصاحب أرقام قياسية في القتل والتفجيرات..

تاريخ دموي، وفتاوى متطايرة تطايرَ الشظايا القاتلة تبيح لهؤلاء زرع الرعب في المجتمعات. لا يعرفون شيئا عن القانون ولا العلاقات الدولية ولا الديمقراطية ولا حقوق المواطنة. يقتلون على الشبهة، ويتلاعبون بالكلام، ويرسخون نفس النهج الاستبدادي الذي عانت منه الأمة قروناً طويلة. فما لنا ولتقوى البغدادي، هذا إذا افترضنا وجودها. فتقواه له، وصلاته وصيامه له، أما ما للأمة عند خليفتها فهو كفاءته وسداده وحنكته ومهارته وفهمه العميق لمعنى المسؤولية، أما ما سوى ذلك فهو كذب ولعب واستبداد وخرافات..

كذلك ليس من الضرورة أن تكون الخلافة مشروعاً سياسياً وحدوياً يتجسد في شخص أو مجموعة صغيرة من الناس؛ إذ هي أقرب إلى المعنى الرمزي منها إلى حلم أخرق بتوحيد مليار ونصف المليار شخص بكل ما فيهم من اختلافات وتناقضات. ففكرة مثل الاتحاد الأوروبي أقرب إلى معنى الخلافة من هذا المعنى العتيق الذي يحمله المسلمون منذ ألف وأربعمائة عام. وفي سنة والرسول صلى الله عليه وسلم ما يؤكد أن الفكرة مفتوحة على مصراعيها، وأن الفيصل فيها هو معطيات الزمان وضروراته الدنيوية البشرية..

إنها مأساة حقيقية أن يتبجح أحدهم بحمل هذه المسؤولية الثقيلة، ويستلهم خطب الصحابة الأوائل كي يضع نفسه وإياهم في ميزان واحد. والمأساة الأكبر أن يجد بين أبناء هذا الزمن من يصدقه ويباركه ويحمل معه هذا الوهم الفظيع...

وهم الإبل في زمن أسلحة الدمار الشامل...
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير