في الفم ماء ... وكيف ينتصر صانع الفتنة ؟
إذا قلنا كلاما ً عن ( كومة زبالة ) في عرض الشارع ، يتنطّح لنا أحدهم ويقول : المتحدث أو الكاتب يريد حرف الأنظار عن ( ارتفاع واضح في حرارة الجوّ ) أو يريد جرّ الناس إلى حديث عن شوارع ونفايات بدلا ً من الحديث عن الأسعار ونيرانها أو بلاد العرب وما يجري فيها أو عندنا هنا وما يظهر في المشهد وما يختفي .. وإذا اقتربنا ، مجرّد اقتراب من حديث عن المستقبل والضرورة والتغيير والحريّة والأسباب الحقيقيّة لتغوّل التجّار وتغوّل الأشباح في صور الحياة كلّها .. هنا ، يتجمّع الأضداد والفرقاء و الباحثين عن الفرص في العتمة وغيرها ، ويرفعون سيوفهم في وجوهنا ويقولون بصوت واحد : هذا الكاتب أو المتحدّث يريد بالبلاد فتنة ودماراً ويتلقّى أفكاره من غرف مظلمة !
إذا ، و في مصادفة ما ، خرجنا في سرب للبحث عن الصور المشرقة في المكان أو لمحاولة إيجاد كوّة أو نافذة في جدار القهر لخلق مناخات جميلة ، يُقال عنّا ، أنّنا خرجنا عن العادات والتقاليد واحترام الأصول المتبعة ، وربّما يجري في الخفاء كلام عن ضرورة مراقبتنا و البحث عمّا إذا كانت لنا ارتباطات هنا أو هناك ... فيما آخرون يصولون ويجولون وربّما يصرخون هنا ويكتبون هناك ويقولون ما لا يمكن قوله ويتهمون ، ولا أحد يمنعهم ، بل نسمع في الخفاء أن من حقّهم أن يمارسوا هذا السولك !
ذاك من حقّه ،
والناقد الموضوعيّ مطرود من المكان والزمان إن هو أتى بقول ٍ فيه مجرّد استفسار أو التباس أو إشارة إلى مرض هنا و قهر هناك !
ما المطلوب ؟
إذا سرنا في طريق ، أنا وأنت َ ، أنت تقول : الشارع ليس نظيفاً و صوت الزوامير مزعج .. وأنا أقول : الشارع ليس نظيفاً وصوت الزوامير مزعج !
القول ذاته بالحرف والنصّ ،
أنا يباركون قولي وتتشكّل من حولي مجموعات داعمة ،
وأنت يرفضونك ويطالبون بإعلانك التوبة أو في الأقل اعتذارك عن القول ،
كيف يكون ذلك ؟
فصام وازوداجيّة وانتقائيّة وتمييز و إقصاء ومواقف غير واضحة ، وقد يتحوّل الجمهور المساند لي ( رغم مواقفه الرافضة و انتقاداته اللاذعة ) إلى جمهور ساخط عليك و مطالب ٍ بدفنك حيّا ً .
في الفم ِ ماء ، ويبدو أن مكيدة يجري تدبيرها لغايات إلقاء الفزع والرعب في الناس و جعلهم يخافون من بعضهم أو أنهم يغلّبون التشكيك والظنّ السيء بالآخر .