jo24_banner
jo24_banner

إنه انحراف عشائري

سامر حيدر المجالي
جو 24 :

مؤتة تحولت إلى أرض ردة، والسبب مجهول، ورأس العشائرية تحت المقصلة...
فهل تعي الدولة أنها شريك في الجريمة؟ وهل عليها أن تساءل نفسها عن شيئين؛ عن سيادتها وعن أدائها؟ عن مسيرة تسعين عاما، ولا هيبة. عن عشرات الجامعات والمبتعثين، ولا نتيجة. ولعل النكوص إلى الوراء شاهد على سوء الأداء، بل شاهد على فشل ما بعده فشل. ولعل المجتمع الذي ينذر بتحوله إلى مجموعة من العصابات المسلحة والانتماءات الميكروسكوبية دليل صارخ على ضمور هذه الدولة ودخولها مرحلة العناية المركزة....


لكن لماذا الدولة؟ أليست العشائرية مدانة كذلك؟ أليست كل رواسبنا وانتماءاتنا متورطة إلى أقصى حد في هذه البشاعة؟


نعم العشائرية مدانة، وكل واحد منا كذلك رأسه تحت المقصلة. لكنَّ الدولة هي الحضن الجامع والأب المهيب والعنف المُـحتكر من أجل الصالح العام. هي الأمل والصيغة التوافقية التي ابتُكرت كي تحد من أمراض الإنسان والمجتمع. تلك هي النظرية التي تصطدم عندنا بواقع غير ذلك، بواقع يقول أن دولتنا ليست ما سبق وأن لها توصيفا أقرب إلى الحقيقة؛ إنها سوق المصالح الخاصة ودولة الانحراف العشائري.

وأؤكد لكم على مسؤوليتي الخاصة أن هذا المصطلح (دولة الانحراف العشائري) هو الواقع بلا رتوش. فالانحراف هو الوسيلة المثلى للإبقاء على الشيء مع مسخه عن صورته. إنهم يريدون الإبقاء على الصورة التي تخدمهم من العشائرية مهما كانت هذه الصورة بغيضة ومقززة. تُنفخ العشيرة كالبالون الهوائي، يُـمجد اسمهما ورموزها. تُـمنح كوتات تضمن لها أن تمارس سيادتها على مجال حيوي خصص لها وحدها. كوتات نيابية وأخرى في أجهزة الدولة وأخرى في توزيع الغنائم. زيارات بلا معنى إلى مضارب العشيرة الفلانية والقبيلة العلانية ترسخ أن الحاكم يخاطب مجموعة من القبائل لا شعبا واحدا متماسكا. اصطناع رموز عشائرية هشة، راضخة للنظام الحاكم ومسيرة حسب أهوائه. تلك بعض معالم الانحراف العشائري التي ترعاها الدولة ويباركها الواصلون من أبناء العشائر...


والنتيجة، دولة ولا دولة. متعلمون يتحاورون بالكلاشينكوف. انتماء مبعثر يسقط عقله في أول هزة أمام غريزته. سطوة أمنية في مكان وملثمون يعيثون فسادا في مكان آخر. غالبية عشائرية دون خط الفقر، ونخبة عشائرية فاسدة تلعب بالملايين التي جاءتهم بالمجان. شيء يصعب على الأفهام أن تفسره. بل هو (طعة وقايمة) حسب اللهجة المحكية...


الآن مطلوب من الدولة شيء واحد إذا أردت أن تثبت نية حسنة وتحافظ على شيء من هيبتها: إجراءات رادعة بحق المتسببين. لا يكفي أن تتدخل قوات الدرك. فنحن لا نريد مجرد فض الاشتباك، بل نريد إجراء وقائيا من أجل المستقبل. لا أقل من فصل كل طالب شارك في هذه العمل المخزي. ولا أقل من أحكام قضائية صارمة تأخذ بأقصى عقوبة ممكنة بحق القادمين من خارج الجامعة. على القانون أن يفرض سيطرته. وعلى الدولة أن تثبت أنها قوية. فهنا تكمن هيبتها. دعوكم من الطبطبة وبوس اللحى والواسطات. لا تلزمنا جاهات وعطوات ومخاتير ومهرجانات خطابية يتشدق المتحدثون فيها بكلام لا يمارسون منه شيئا على أرض الواقع. الأمر خرج عن حد السيطرة، وأي تغاض عنه هو جرم أكبر منه...


يا دولتنا العزيزة: ما عدنا نحتمل مزيدا من الفشل، فأبقي علينا وعلى نفسك...


Samhm111@hotmail.com

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير