2024-12-24 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حَرْبان ِ في آن ٍ واحد

د. جهاد البرغوثي
جو 24 : في خطابه الاخير تحدث السيد حسن نصر الله عن استراتيجية جديده بكل صراحة ووضوح بما يتفق مع " العين بالعين والسن بالسن والبادئ اظلم " – مما دَلَّ عن منعطف سياسي عسكري جديد تقف وراءه سوريا وايران وحزب الله .

وما الهجوم المشترك الذي قامت به القوى المتحالفة ضد المجموعات الاسلامية على محاذاة اسرائيل في الجولان واحتلالها مؤخرا لتل العدس الاستراتيجي، الا إيذانا بدخول المرحلة الاولى نحو حرب عربية اسرائيلية بدعم لوجستي ايراني . فلربما يسبق هذا الحدث الانتخابات الاسرائيلية وفي اكثر الاحوال فانها ستتأثر بشكل مباشر وحازم وملحوظ لصالح القوى اليمينية المتطرفة .

فإذا كان الاتجاه الحالي في اعلان حرب عربية عربية ضد الارهاب بمختلف اشكاله ومسمياته في العراق وشمال شرق سوريا في حرب برية لم تبدأ بعد – تدعمها الولايات المتحدة الامريكية واوروبا واليابان وكندا واستراليا وغيرها، دون الاشتراك البري سوى في حدود ضيقة .

إذن ! نحن بصدد رؤيتنا لحربين في آن واحد ! قوتان ضاربتان لهما تأثير مباشر على اصطفاف الجماهير العربية مع كليهما رغم ان المفهوم العسكري والسياسي في واقع الحال يضعهما في مصاف واحد ألا وهي حرب عربية عربية ضد قوى تحركها اسرائيل ، وحرب عربية اسرائيلية في ناحية اخرى – وفي معنى اخر فهي حرب واحده في اتجاهين شرقا وغربا.

اما اللاعب الثالث فهو امريكا ، المحرّك والمخطط ، والتي لا احد من اصدقائها اذا كان لها صديق او حلفائها الذين يتغيرون على مدار الساعة، يستطيع ان يتبيّن بعض الخيوط الرفيعة لما تبتغيه من وراء الحدث . هل يتطابق مع مخطط كيسنغر عام 1973 عندما قال " دع الاولاد يلعبون قليلا" ؟ ام هو يتوافق مع مخطط ما وراء الفوضى الخلاّقه وما ستأتي لنا فيما بعد من تغييرات سياسية وجغرافية قد تدخل حيز التنفيذ!

ما يتسرب لأصحاب الشأن ومع ما تسمح السلطات الاميركية بتسريبه ، اننا مقبلون على سايكس بيكو اميركية في حين ان الاولى كانت بريطانية فرنسية .

ستتكون دول جديده وعلى سلم الاولوية " دولة كردستان " لتمتد الى حدود تركيا ، ودولة علوية في الشاطئ السوري مع جنوب لبنان ، ودولة مسيحية في جبل لبنان ، وانشطار الانبار من شمالها الى حدودها مع الكويت جنوبا لانضمامها الى كيان اخر.

ولربما تلحق انشطارات اخرى في امكنة اخرى وتلحق بكيانات اخرى وخاصة شمال شرقي ووسط سيناء لِتـُحدث انفتاحا جغرافيا لنزوح فلسطيني جديد.

ان مصلحتنا في الاردن ان لا ننزلق مع امريكا نحو تطبيقها لبنود سياسة الفوضى الخلاّقه وسايكس بيكو الامريكية لايماننا القاطع باحترام الكيانات السياسية في محيطنا العربي واستقلاليتها كأمر واقع، رغم انها جاءت من خلفية سايكس بيكو البريطانية الفرنسية .

الكل يعلم ان الملك عبدالله المؤسس دعا الوطنيين العرب للانضمام اليه كداعية للوحدة العربية وليس تكريسا لما جاءت به سايكس بيكو – ولبىّ النداء حينذاك الكثير من دعاة القومية العربية في فلسطين وسوريا ولبنان والعراق ، وبايعوه في مدينة "معان " – ولكن ّ الرياح البريطانية سارت في اتجاه التشرذم والتمزق والبعاد عما جاءت به الثورة العربية الكبرى.

اذا ما نظر المواطن العربي الى الازمات القائمة – بدءا بالدعوات الانفصالية في جنوب غرب ولاية كردخان وولاية النيل الازرق الى الصراع المزمن في الصومال الى النزاع المذهبي في مملكة البحرين الى انقلاب الحوثيين على السلطة في اليمن ومباركة امريكا لذلك الى تدفق المقاتلين الى سوريا الى طائرات مجهولة الهوية تنزل مئات الاطنان من الاسلحة لداعش حسب ما جاء في التلفزيون العراقي الى استنزاف الجيش المصري في سيناء واعلان حماس منظمة ارهابية والعمل على شمولية ذلك لكافة منظمات الاخوان المسلمين في الدول العربية الى دعم داعش للنظام السوري!! والنزاع في عرسال بين القاعده والجيش اللبناني الى الهجمة الاستيطانية وتكثيفها في الضفة الغربية وقادتها لاعمل لهم سوى اتهام غزة بالتمرد !!

وفي الخارج محاربة المسلمين والعرب في اوروبا تحت طائلة " اسلمة اوروبا " والتي يحركونها مخابراتٌ ما دون وجودٍ عربي مؤثر .


لقد رأينا اليوم الاحتواء الفرنسي الالماني لازمة اوكرانيا على حساب تحييد شرقي اوكرانيا ووضعه تحت حكم ٍ ذاتي ضمن الدولة الاوكرانية .

على هذا المنوال هل لنا كدول عربية ودون معاداة احد ان نخرج عن نطاق الحماية الغربية ونعمل على إيجاد تآلف عربي يعمل على استيعاب كافة الازمات التي تعاني منها بعض الدول العربية، بما في ذلك التدخل العسكري الجماعي برا وجوا وبحرا لترسيخ دولة القانون في كافة انحاء عالمنا العربي ودولنا الاثني والعشرين .

لدينا قوة المال والقوى البشرية وروح التآلف العربي وايقاف المخطاطات الخارجية في ظل الجامعة العربية مع تفعيل دورها لما فيه خير امتنا العربية وامنها ووحدتها وسؤددها الى ان تصل بنا الى السوق العربية المشتركة والامن المشترك والتعاون المشترك على كافة الاصعده .

فإذا نادى الملك عبدالله المؤسس بالوحدة العربية ودفع حياته ثمنا لذلك فإننا نعيد ما نادى به لتآلف عربي تحت أية صيغة متفق عليها لل‘بقاء على النموذج العربي بفكره وعطائه وتعاونه واثرائه لجميع قيم مجتمعنا العربي الواحد .
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير