jo24_banner
jo24_banner

الحصاد

د. جهاد البرغوثي
جو 24 : مع انطلاقة "موسم الحصاد" ، وما جادت به الارض من مزروع يمتزج فيه إحساس الخوف بالامل إنتظارا لقدومه ، ويتخلله في كثير من البلدان العربية كفلسطين وتونس والمغرب الافراح و تصدح فيه الأغاني الشعبية لتتغنّى بسنابل القمح .
اما الحصاد على الاصعدة السياسية الشائكة والمتداخلة والمتقلـّبة ، فهناك احداثٌ مؤلمة وكارثية تمر بها المنطقة .
قبل ماية عام إحتلت بلادنا بريطانيا وفرنسا وفرضوا علينا التشرذم والهيمنة والتجزئة والكيان الدخيل من خلال سايكس بيكو و لورنس . إما اليوم فقد اختلفت المعايير والسُبل ، فهم يحركوننا بالريموت لنحارب بعضنا البعض – وما يُحاك بنا من مؤامرات لأخذنا في اتجاه عملية الشرق الاوسط الجديد .
فإذا كانت الموضوعية غريزية ،والعقلانية علمانية ،يبقى عَقلنا عقلا ثقافيا يستطيع ان يقرأ النّص ! فما الاحداث التي رُسمت مواقعها ، وحُددّتْ محاورها ، ووُصِفتْ معالمها ، وتـَبيَّنتْ اتجاهاتـُها من خلال التقلبات السياسية وتداعياتها الا كظاهرة لا لـُبسَ فيها ولا غـُموض .
ستهب على المنطقة رياح من جهات اربع – بمسمياتها، وبدفع ٍ من قوى كامريكا وايران وتركيا واسرائيل .
"الاطار " – اتفاق جنيف الخاص بالبرنامج النووي الايراني وما تـَبعه من توافق لوزان ، الى ان يتمّ صياغة الاتفاق النهائي - " وعاصفة الحزم" في المضي في محاربة الحوثيين في اليمن بمشاركة عربية وبتاييد تركي معنوي – " ويهودية الدولة" التي يطالب بها نتنياهو ليبدأ على الفور بتنفيذ خطة اليمين الليكودي الفاشي العنصري في عملية "الطردالكبير" لفلسطيني 1948 ، ومن ثم فلسطيني الضفة الغربية في السنين الاربعة القادمة ، وليبارك خطاه الرئيس الجمهوري القادم! وبريطانيا المتأمره على شعبنا العربي منذ الازل، ومحافظوها وعمالها يتباهون بصهيونيتهم .
اما "داعش والقاعدة " فتحركهما امريكا في كل الاتجاهات ، كما في ذلك قوات الحشد الشعبي (قوات بدر) التي ترتكب كل الانتهاكات اللاانسانية في اهل السنة . واقول ذلك وانا من دعاة الاسلام الواحد.
1. "الاطار " – تـُلغى العقوبات الاقتصادية على ايران مما ويمنحها سعة اليد في التحرك لنصرة ودعم سوريا الاسد والعراق وحزب الله ، وانصار الله ، وحماس ، والزيديين في اليمن – ليصل نفوذها الى باب المندب جنوبا ، وعلى حدودالاردن شرقا وشمالا ، وفي مواجهة البحرين والخليج العربي والسعودية بحدودها الشمالية والشرقية والجنوبية .
2. "عاصفة الحزم" – فهل سيتم الاكتفاء بالضربات الجوية المدمرة ام ان قوات برية ستتشكل ويُدفع بها نحو اليمن ؟ وهل ستأخذ التداعيات مسارا لحرب استنزاف طويلة الأمد ؟ وهل دعم امريكا للسعودية من قبيل حفظ ماء الوجه ؟ - "فقلوبنا معكم وسيوفنا مع الحوثيين "! ام ان كل ذلك هو لاضعاف السعودية واستنزافها ليقع في سيناريو الشرق الاوسط الجديد ؟
3. "يهودية الدولة " ، هو امر في غاية الخطورة . فهل ابو مازن في منهجه التردّدي الذي عوّدنا عليه ليلقيه علينا صائب عريقات صباحا و تتغير مفرداته مع غروب الشمس . هو يقول لا – لا !! ثم – يقول نعم نعم !! فيوافق على ما يطرحه نتنياهو المخادع والمراوغ شريطة ان تبقى حركة فتح المؤجَّرة لاسرائيل في المقدمة ، وان لا تُوضع على الرّف ، وكذلك السلطة الفلسطينية الكاريكاتورية برئاستها وكوادرها التي انتهى بها الامر كقوى أمنية استخباراتية قمعية تعمل لصالح اسرائيل بكل شفافية واخلاص وليس كارض تحت الاحتلال سبعة وستين عاما! انها المأساة الحقيقية التي يعيشها شعبنا في المحتل من أرضنا والتي فاقت مأساة الاحتلال . وهذا على أغلب الظن ما سيحدث في الاشهر القليلة اقادمة .
- على جماهيرنا الفلسطينية في الداخل ان تـُوحّد كل القوى الفلسطينية ؟، وان تـُعيد تقييم وتقويم أداء منظمة التحرير الفلسطينية. كما ان على الفلسطينيين في الداخل والشتات ان يحافظوا على قدسية قضيتهم وعدالتها ، والتعامل مع ما يحدث في المنطقة بحيادية تامة لما في ذلك خدمة لمصلحتنا العليا ، وتحديهم لويلات الحرب – تواصلا مع احداث مخيم اليرموك وسوريا ولبنان وفلسطين .
4. "داعش والقاعده " ، اللتان تقومان بادوار مشبوهة وموجهة ومدمرة ، فهما يلعبان في الوقت الضائع ، ولن يحرزا اية مكاسب سياسية او جغرافية ، وسينتهي دورهما بالانتهاء من الرساميل واللمسات الاخيرة لسيناريو الشرق الاوسط الجديد ليتم تثبيته على ارض الواقع .
فالحصاد السياسي " الذي نترقبه قبل ان يُسدل الستار على المسرحية القائمة هو امتداد للنفوذ الايراني المناوئ لاسرائيل – ولكنْ الى اي مدى فلا يمكن التكهن بذلك . وما صرّح به مؤخرا السيد الروحاني "بإن ايران لم ولن تعتدي على اية دولة " يُدخل الشك في اليقين !
اما الموقف الدفاعي للسعودية عن ارضها والهجوم على ارض الغير لدرء التهديد على حدودها الجنوبية ودعم الشرعية التي باركتها بعد اقصاء علي عبدالله صالح ، فلربما تصل بهم الامور الى حرب شرسة طويلة لها تداعيات خطره زمت تصريح اوباما مؤخرا بان تهديد دول الخليج يأتي من الداخل وليس من ايران هو إنعطاف خطر في السياسة الاميركية .
لست بالمحلل السياسي، ومجريات الاحداث لا تتطلب تحليلا ، بل هي واضحة وضوح الشمس ، لأرى في "الحوار " المخرج الوحيد لهذه الازمة دون الولوج في مخاطر قد تهدد امن الخليج العربي الآمن المستقر المزدهر – المعتدل سياسيا – والواقعي في تصريف شؤونه. ومن "مخرجات الحوار " هو نبذ العنف والهيمنة ، والسلام الدائم في لبنان واليمن والعراق وسوريا وغزة والضفة الغربية والحفاظ على القدس العربية ، و البدء بعملية ترميم عمراني وبناء اجتماعي ونظام سياسي ناجح .
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير