jo24_banner
jo24_banner

حروب البترول والغاز

صلاح ابو هنود
جو 24 : معركة العلمين التي وقعت في بلدة العلمين التي تبعد 90 كيلو مترا عن الإسكندرية، هي من أهم معارك التحول في الحرب العالمية الثانية بين القوات الألمانية والإيطالية بقيادة إرفين رومل وبين القوات البريطانية بقيادة برنارد مونتغمري في نوفمبر عام 1942. وكانت من أهم معارك الدبابات على مدار التاريخ، وخسرها الألمان بسبب النقص الكبير في الوقود نتيجة اغراق البريطانين لحاملة نفط، مما شل حركة تقدم الدبابات وبالتالي استطاعت القوات البريطانية طردهم إلى ليبيا، ومن كل أفريقيا وصولا إلى مالطة، وهذه المعركة شهدت بداية الخسائر التي الحقت بالألمان الهزيمة النهائية.

هذه المعركة التي حسمها البترول وطرق امداده لصالح طرف على آخر بعد أن كانت الموازين العسكرية متكافئة، غيرت مسار التاريخ ورسمت خرائط جديدة للعالم.

حتى حرب اكتوبر التي نفتخر بها، يقال: إن السبب الرئيسي خلفها كان من أجل رفع سعر برميل البترول سبعة دورلات وكان كسينجر هو من تبنى تحقيق ذلك لشركات النفط، وقد انجز المهمة رغم معارضة ايران لرفع سعر البترول.

اصبح البترول وعمليات استكشافه مسألة حيوية للنمو والتطوير في العالم حتى بلغ الذروة واصبح من يتحكم في سياسة انتاجه وتسويقه هو من يحكم العالم بكل مقدراته، وحتى يتم ذلك لا بد من خلق انظمة وقادة في الأقاليم االمنتجة للنفط، لهم اليد الطولى في السيطرة على شعوبهم وبلدانهم.

أسوق هذه المقدمة من تجربة شخصية جاءت صدفة، ففي عام 1984 كنت أخرج مسلسل الصعود الى القمة في تلفزيون دبي وكنت أنزل في فندق مديره العام بريطاني من أصل أردني، وقد ربطتني به صداقة اثناء تلك الفترة، وفي أحد الأيام قال لي أريدك أن تقابل صديقا لي وهو شخصية مهمة واضاف انه (إدوارد هيث) رئيس وزراء بريطانيا السابق المقيم بالفندق نفسه الذي أنزل به.

سالته ما هو السبب الذي دفع رئيس بريطانيا السابق لقضاء إجازته في دبي وما علاقتك انت بالرجل ، لخص لي الحكاية أنه حين كان طالبا في الجامعة وبحاجة الى عمل اضافي قرأ اعلانا عن شخص يريد موظفا يساعده في ترتيب مكتبنه ،وبعد لقائه تبين له أن هذا الشخص هو ادوارد هيث الذي قرر توظيفه للمهمة ، وتوطدت العلاقة بينهما وهو من اختار له مهنة الفندقة وساعده في الحصول على الجنسية البريطانية، ومنذ ذلك التاريخ وهما على تواصل لا ينقطع ، أما سبب الزيارة فيمكن أن تدرك ذلك خلال اللقاء .

زيارة أدوارد هيث هذه كشفت وعلى لسانه ، أن شركات البترول العالمية ، اكتشفت نفطا في اليمن بنوعية متميزة ولا تستطيع استثماره في ظل نظام ماركسي التوجه في اليمن الجنوبي ، وهو هنا لترتيب وتوزيع الأدوار لإنهاء ذلك النظام وقيام يمن موحد يوفر البيئة المناسبة للإستثمار، وبعد اشهر قليلة بدأ الصراع الذي أدى الى انهيار النظام الماركسي في عدن وتحققت وحدة شمال اليمن مع جنوبه بقيادة عبد الله صالح بطل النفط اليمني الذي تقدر ثروته الآن بسبعين مليار دولار .

لعب القطاع النفطي في اليمن أهمية إستراتيجية بالنسبة للاقتصاد اليمني منذ اكتشافه في منتصف الثمانينات من القرن الماضي وحتى اليوم ، وشهد هذا القطاع تطورا متزايدا منذ إعلان الوحدة اليمنية عام 1990م وظل الإنتاج في تزايد حتى عام 2001م حيث زاد مستوى الإنتاج من (69.1) مليون برميل عام 1990 م ، إلى (160.1) مليون برميل عام 2001 م وقياسا على ذلك يمكن للقارئ أن يتخيل حجم الأموال التي جنتها الشركات المنتجة قياسا على ثروة زعيم واحد قاد هذه العملية بشعارات وطنية دغدغت عواطف الناس في اليمن وخارجها .

هذه المقالة اكتبها وأنا ألاحظ ما يحدث في اليمن من تغيير اعتقد أن النفط هو المحرك الوحيد له وليس في اليمن وحده وإنما على مستوى المنطقة وإن النفط الذي غير خريطة العالم بعد معركة العلمين يلعب الآن الدور القذر في اليمنين وفي ما يحدث في العالم العربي بابطال وادوار وخرائط جديدة .

لقد أضيف الى قوة النفط قوة جديدة هي الغاز وبذلك علينا أن نكون مستعدين للتغيير الذي سيحدثه السيد الكبير في الحضارة البشرية الحالية وهو النفط والغاز ، مشنقة حضارة هذا العصر .
تابعو الأردن 24 على google news